(فصل) في عدة مسائل تتعلق بالوقف
  وَيَسْتَقِرُّ لِلْعَبْدِ مَا وُقِفَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَقَبْلَهُ لِسَيِّدِهِ، وَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ قَبْلَهُ الرُّجُوعُ، وَيَنْفُذُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيَّةِ عَلَى الْوَرَثَةِ كَالتَّوْرِيثِ وَإِلَّا فَالثُّلُثُ فَقَطْ، وَيَبْقَى الثُّلُثَانِ لَهُمْ وَقْفاً إنْ لَمْ يُجِيزُوا، (م بِاللهِ) وَيَصِحُّ فِرَاراً مِنَ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ.
  الشريف أنه ليس له ذلك النقل ولا لغيره من أهل الولايات في المسألتين؛ وإن خالف في نقل المصلحة إلى أصلح الإمام المطهر بن يحيى والأمير الحسين والإمام أحمد بن الحسين والإمام يحيى بن حمزة والإمام علي بن محمد والمصنف والإمام المطهر بن محمد بن سليمان والإمام شرف الدين وخرجه علي خليل لمذهب القاسم بن إبراهيم، وقواه من شيوخ المذهب الشامي والهبل وعامر وحثيث والسحولي ويحيى حُمَيْد صاحب الفتح وغيرهم والأدلة على ذلك مبسوطة في مواضعه (وَيَسْتَقِرُّ لِلْعَبْدِ) وكذا المدبر وأم الولد (مَا وُقِفَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ) ولو كان الواقف سيده (وَقَبْلَهُ) تكون الغلة (لِسَيِّدِهِ) وإذا مات العبد قبل أن يعتق كان الوقف لسيده (وَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ قَبْلَهُ الرُّجُوعُ) فعلاً كالبيع ولفظاً كأن يقول رجعت عن الوقف.
  (وَيَنْفُذُ فِي الصِّحَّةِ) أو المرض غير المخوف، وسواء على أجنبي أو الورثة أو بعضهم (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَ) من رأس المال أيضاً إذا وقف (فِي) حال (الْمَرَضِ وَ) في (الْوَصِيَّةِ) إذا كان وقفه في هاتين الحالتين أعني المرض والوصية (عَلَى الْوَرَثَةِ كَالتَّوْرِيثِ) كأن يقول وقفت هذا عليهم على فرائض الله (وَإِلَّا) يقفه في الصحة ولا في المرض المخوف ولا وصية على ما يقتضيه الميراث بل وقفه على غيرهم أو عليهم لا على ما يقتضيه الميراث (فَالثُّلُثُ فَقَطْ) للموقوف عليه (وَيَبْقَى الثُّلُثَانِ) من التركة لو وقفها جميعاً (لَهُمْ وَقْفاً) يعني للورثة جميعاً على حسب الميراث وليس لهم التصرف فيه ببيعٍ ولا نحوه إذ لم يستهلك الميت إلا الرقبة مسلوبة المنافع وذلك شيء يسير (إنْ لَمْ يُجِيزُوا) ما فعل مورثهم، فإن أجازوا نفذ الوقف من رأس المال قال الإمام (م بِاللهِ وَيَصِحُّ) الوقف (فِرَاراً مِنَ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ) كتسليم مهر الزوجة وبيع الورثة للمال فلو قصد الواقف ذلك مع قصد القربة فإنه يصح الوقف فإن لم يقصد القربة فلا يصح، وقد جعله في التاج للمذهب الشريف لكن الذي في الشرح (ج ٧/ ٢٨٧ - ٢٨٨) أنه لا يصح الوقف مع قصد الحرمان ولو قصد القربة؛ لأنهما يتنافيان، والله أعلم وأحكم.