(كتاب الوديعة)
(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ(١))
  إنَّمَا تَصِحُّ بَيْنَ جَائِزَيِ التَّصَرُّفِ بِالتَّرَاضِي، وَهِيَ أَمَانَةٌ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا لِتَعَدٍّ كَاسْتِعْمَالٍ وَنَحْوِ إعَارَةٍ وَتَحَفُّظٍ فِيمَا لَا يُحْفَظُ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَإيدَاعٍ وَسَفَرٍ بِلَا عُذْرٍ مُوجِبٍ فِيهِمَا وَنَقْلٍ لِخِيَانَةٍ وَتَرْكِ التَّعَهُّدِ وَالْبَيْعِ لِمَا يَفْسُدُ وَالرَّدِّ بَعْدَ الطَّلَبِ وَبِجَحْدِهَا وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِا، وَمَتَى زَالَ التَّعَدِّي فِي الْحِفْظِ صَارَتْ أَمَانَةً،
  (إنَّمَا تَصِحُّ) الوديعة (بَيْنَ جَائِزَيِ التَّصَرُّفِ بِالتَّرَاضِي) مع قبول الوديع أو قبضه أو التخلية (وَهِيَ أَمَانَةٌ فَلَا تُضْمَنُ) إذ تلفت عند الوديع ولو ضمن (إلَّا لِتَعَدٍّ كَاسْتِعْمَالٍ) نحو ركوب الدابة ولبس الثوب (وَنَحْوِ إعَارَةٍ) للوديعة أو تأجيرها أو رهنها (وَتَحَفُّظٍ) للوديعة (فِيمَا لَا يُحْفَظُ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ) في العرف (أَوْ) وضعها مع من لا يُسْتَحْفَظُ مثلُها (مَعَهُ) كالطفل فإنه يضمنها (وَ) كـ (إيدَاعٍ) للوديعة (وَسَفَرٍ) بها بريداً (بِلَا عُذْرٍ مُوجِبٍ) عادةً في الحال أو في المآل (فِيهِمَا) يعني في الإيداع والسفر ما لم تكن عادته السفر بما أودع عنده (وَ) كـ (نَقْلٍ) للوديعة (لِخِيَانَةٍ) منه بِنيَّة أخذها (وَتَرْكِ التَّعَهُّدِ) لما يحتاج إلى تعهده كالفراش والحيوان (وَ) ترك (الْبَيْعِ لِمَا يَفْسُدُ) بالسّوس أو البلل أو نحوهما ومالكها غائب (وَ) ترك (الرَّدِّ) يعني التخلية (بَعْدَ الطَّلَبِ) من مالكها (وَبِجَحْدِهَا) ولو هازلاً أو ناسياً (وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِا) سواءً تلفت بتلك الدلالة أم بغيرها إذ الدلالة تفريط، فكل هذه الأمور من التعدي الموجب لضمان الوديعة كضمان الغصب.
  (وَمَتَى زَالَ التَّعَدِّي فِي الْحِفْظِ صَارَتْ) أي عادت الوديعةُ (أَمَانَةً) وذلك نحو أن يسافر بها أو يجعلها في موضعٍ غير حريزٍ، أو يودعها ثم يزول التعدي عادت أمانةً، وأما إذا نقلها لخيانة نحو أن يركبها أو يعيرها أو يؤجرها لم تعد أمانةً.
(١) الوديعة: هي في الإصطلاح ترك مالٍ مع حافظٍ لمجرد الحفظ لا بأجرة.