(كتاب الوديعة)
  وَإذَا غَابَ مَالِكُهَا بَقِيَتْ حَتَّى الْيَأْسِ، ثُمَّ لِلْوَارِثِ، ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ عَيَّنَ لِلتَّصَدُّقِ بِهَا وَقْتاً جَازَ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ مَوْتَهُ، وَمَا أَغْفَلَهُ الْمَيِّتُ حُكِمَ بِتَلَفِهِ، وَمَا أَجْمَلَهُ فَدَيْنٌ، وَمَا عَيَّنَهُ رُدَّ فَوْراً وَإِلَّا ضُمِنَ كَمَا يُلْقِيهِ طَائِرٌ أَوْ رِيحٌ فِي مِلْكٍ وَإِذَا الْتَبَسَ مَنْ هِيَ لَهُ فَلِمَنْ بَيَّنَ، ثُمَّ لِمَنْ حَلَفَ، ثُمَّ نِصْفَانِ، وَيُعْطَى الطَّالِبُ حِصَّتَهُ مِمَّا قِسْمَتُهُ إفْرَازٌ وَإِلَّا فَبِالْحَاكِمِ، وَالْقَوْلُ لِلْوَدِيعِ فِي رَدِّهَا وَعَيْنِهَا وَتَلَفِهَا ...
  (وَإذَا غَابَ مَالِكُهَا بَقِيَتْ حَتَّى الْيَأْسِ) من صاحبها (ثُمَّ) إذا أيس منه بمضي عمره الطبيعي أو شهادةٍ على موته صارت (لِلْوَارِثِ ثُمَّ) إذا لم يكن له وارثٌ - ويضمن له إن عاد - (لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ عَيَّنَ) المالك (لِلتَّصَدُّقِ بِهَا وَقْتاً) نحو: إن لم أعد إليك في وقت كذا فتصدق بها (جَازَ) التصدق (مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ مَوْتَهُ) حال التصدق فيضمن للورثة لأنه قد انتقل الملك إليهم (وَمَا أَغْفَلَهُ الْمَيِّتُ) من الودائع والأمانات فلم يذكره بنفيٍ ولا إثباتٍ (حُكِمَ بِتَلَفِهِ) فلا ضمان عليه لأن الظاهر تلفها (وَمَا أَجْمَلَهُ) نحو أن يُقِرَّ أن عنده وديعةً مائة دينارٍ أو نحوها ولم يميزها عن غيرها وفي وقت لا يتسع للرد ولا التلف قبيل موته (فَدَيْنٌ) مضمونٌ عليه (وَمَا عَيَّنَهُ) الميت وعرفه الورثة بعينه (رُدَّ فَوْراً) إلى مالكه بما لا يجحف (وَإِلَّا) يُرَدّ مع الإمكان (ضُمِنَ) وإن لم ينقل وذلك (كَمَا يُلْقِيهِ طَائِرٌ أَوْ رِيحٌ فِي مِلْكٍ) لا يُدْخَلُ إليه إلا بإذن، وهذا حكم جميع الأمانات التي تصير إلى الإنسان لا باختيار المالك كفوائد الغصب وكذا في وارث الوديع والعامل والعين المنذور بها والموصى بها ونحو ذلك (وَإِذَا) أودع رجلان عند رجلٍ وديعتين وتلفت إحداهما فادعى كلٌّ منهما أن الباقية وديعته و (الْتَبَسَ) على الوديع (مَنْ هِيَ لَهُ فَلِمَنْ بَيَّنَ) بالملك أو الإيداع وحكم له (ثُمَّ) إذا لم يكن لهما بينة كانت (لِمَنْ حَلَفَ) منهما أنها له ونكل الثاني أو حلف أصلاً ورداً (ثُمَّ نِصْفَانِ) حيث بيَّنَا جميعاً أو حلفا جميعاً أو نكلا جميعاً (وَيُعْطَى الطَّالِبُ) من المودِعَين (حِصَّتَهُ مِمَّا قِسْمَتُهُ إفْرَازٌ) ولو في غيبة الآخَر (وَإِلَّا) تكن قسمته إفرازاً (فَبِالْحَاكِمِ) يميز نصيبه إذا كانت غيبة شريكه يجوز معها الحكم (وَالْقَوْلُ لِلْوَدِيعِ) وكذا كل أمين كالشريك والمضارب والمستأجر والمستعير (فِي رَدِّهَا وَعَيْنِهَا) نحو أن يقول: هذه وديعتك، وأنكر المالك (وَتَلَفِهَا) ما لم يكن مستأجراً على الحفظ ...