لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في العتق على عوض وعلى غيره وما يتعلق بذلك

صفحة 411 - الجزء 1

  وَبِتَمْلِيكِهِ جُزْءاً مِنَ الْمَالِ إنْ قَبِلَ لَا عَيْناً إلَّا نَفْسَهُ أَوْ بَعْضَهَا، وَبِالْإِيصَاءِ لَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَهُ وَلِلْغَيْرِ مُنْحَصِراً أَوْ حِصَّتُهُ، وَبِشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِهِ قِيلَ إنِ ادَّعَاهُ، وَيَصِحُّ فِي الصِّحَّةِ مَجَّاناً وَلَوْ عُلِّقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهَا، وَلَهُ قَبْلَهُ الرُّجُوعُ فِعْلاً لَا لَفْظاً، وَيَنْفُذُ مِنَ الْمَرِيضِ وَلَوْ مُسْتَغْرَقاً، وَمِنْ غَيْرِ الْمُسْتَغْرَقِ وَصِيَّةً، وَيَسْعَى حَسَبَ الْحَالِ فِيهِمَا.


  (وَ) يعتق العبد (بِتَمْلِيكِهِ جُزْءاً) معلوماً (مِنَ الْمَالِ) كثلثٍ أو ربعٍ، إذ العبد من جملة مال السيد (إنْ قَبِلَ) العبد ذلك التمليك (لَا) إن مَلَّكَه من ماله (عَيْناً) فلا يعتق (إلَّا) أن تكون تلك العين (نَفْسَهُ أَوْ بَعْضَهَا) فإنه يعتق نحو ملَّكتُك نفسَك أو بعضَك أو رأسَك (وَ) يعتق العبد أيضاً (بِالْإِيصَاءِ لَهُ بِذَلِكَ) أي بجزءٍ معلومٍ من مال سيده إذ نفسُهُ من جملة الجزء (أَوْ) بالإيصاء (لَهُ) أي للعبد (وَلِلْغَيْرِ) إذا كان الغير (مُنْحَصِراً) نحو للعبد ولأولاد فلانٍ (أَوْ) كانت (حِصَّتُهُ) أي العبد منحصرةً، ولو كان المشارك له غير منحصرين، نحو أن يوصي بالثلث ويجعل ثلث الثلث للعبد والباقي للفقراء فإنه يعتق العبد بذلك.

  (وَ) يعتِق العبدُ (بِشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) ولو كافراً (عَلَى) شريكه (الْآخَرِ بِهِ) يعني بأنه أعتق نصيبه في العبد (قِيلَ) الفقيه حسن (إنِ ادَّعَاهُ) يعني بشرط أن يدعي العبدُ العتقَ، والمختار للمذهب الشريف أنه يعتق بالشهادة مطلقاً سواءً ادَّعاه أم لا.

  (وَيَصِحُّ) العتق (فِي) حال (الصِّحَّةِ مَجَّاناً) أي من غير عوضٍ (وَلَوْ عُلِّقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهَا) أي من صحته نحو أن يقول أنت حرٌّ عند آخر جزء من أجزاء صحتي فإنه ينفذ من رأس المال (وَلَهُ قَبْلَهُ) أي قبل آخر الصحة (الرُّجُوعُ) عن ذلك العتق (فِعْلاً) كالبيع وسائر التصرفات (لَا لَفْظاً) فلا يصح (وَيَنْفُذُ) العتق الواقع (مِنَ الْمَرِيضِ وَلَوْ) كان ماله (مُسْتَغْرَقاً) بالدين ما لم يحجر عليه (وَ) ينفذ (مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَغْرَقِ) إذا أوقعه (وَصِيَّةً) بعد موته، فإن كان مال الموصي مستغرقاً بالدين لم ينفذ العتق بل يبقى موقوفاً على إيفاء الدين (وَيَسْعَى حَسَبَ الْحَالِ فِيهِمَا) أي في العتق حال المرض وبعد الموت، أو بعبارة أخصر في المستغرَق وغير المستغرق، ففي المستغرق يسعى إن نَفَّذَ سيدُه عتقه في مرضه لأهل الدين بدينهم إلى قدر قيمته، وفي غير المستغرق يسعى العبد فيما زاد على الثلث من قيمته إن لم يجز الورثة، والله أعلم.