باب الكتابة
  وَلَا يَعْتِقُ مَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا بِعِتْقِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ خَلَّفَ الْوَفَاءَ أَوْ أُوفِيَ عَنْهُ، وَلَهُ كَسْبُهُ لَا بَيْعُهُ، وَمَتَى سَلَّمَ قِسْطاً صَارَ لِقَدْرِهِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا يَتَبَعَّضُ مِنَ الْأَحْكَامِ حَيّاً وَمَيِّتاً، وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ بِالْحُرِّيَّةِ إنْ رَقَّ، وَلَا يَسْتَتِمُّ إنْ عَتَقَ، وَتَسْرِي كَالتَّدْبِيرِ، وَتُوجِبُ الضَّمَانَ، وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الضَّامِنُ إنْ عَجَزَ، وَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ حُكْمُ الْحُرِّ مَوْقُوفاً غَالِباً.
  (وَلَا يَعْتِقُ مَا اشْتَرَاهُ) المكاتب (مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كذي رحم محرم (إلَّا بِعِتْقِهِ) أي المكاتب المشتري بالوفاء أو التنجيز (وَلَوْ) عتق المكاتب المشتري (بَعْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ خَلَّفَ الْوَفَاءَ) لمالك الكتابة (أَوْ أُوْفِيَ عَنْهُ) بأن تبرع عنه الغير بالوفاء إذا قبله السيد فإنه يلحقه هذا العتق، وإذا عتق عتق رحمه الذي اشتراه (وَلَهُ) أي للمكاتب المشتري قبل عتق ما اشتراه (كَسْبُهُ) يعني كسب رحمه المشترى (لَا بَيْعُهُ) فلا يجوز له.
  (وَمَتَى سَلَّمَ) المكاتب (قِسْطاً) من مال المكاتبة الصحيحة (صَارَ لِقَدْرِهِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ) فإن كان ثلثاً كان ثلثه حرّاً ونحو ذلك (فِيمَا يَتَبَعَّضُ مِنَ الْأَحْكَامِ) كالدية والأرش والميراث والوصية والحدِّ، فأمَّا ما لا يتبعض فحكمه حكم الرق فيه كالرجم والحج وعقد النكاح والوطء بالملك والوقف منه، ويثبت لذلك البعض حكم الحرية في حال كون المكاتب (حَيّاً) كالأرش والدية (وَمَيِّتاً) كالوصية والميراث (وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ بِالْحُرِّيَّةِ) كأن يأخذ ثلث أرش الحرِّ لأدائه ثلث مال الكتابة (إنْ رَقَّ) يعني إن رجع في الرق ويضمنه ولو تلف بغير جناية ولا تفريط (وَلَا يَسْتَتِمُّ) ما كان يستحقه لو كان حرّاً (إنْ عَتَقَ) بعد أخذه لما استحقه في تلك الحال.
  (وَتَسْرِي) الكتابة إلى من ولد بعدها (كَالتَّدْبِيرِ، وَتُوجِبُ الضَّمَانَ) إذا كاتب أحد الشريكين نصيبه ضمن نصيب شريكه (وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الضَّامِنُ إنْ عَجَزَ) عن إيفاء ما كوتب عليه لأنه قد استهلك نصيب شريكه وضمنه (وَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ حُكْمُ الْحُرِّ) في تصرفاته وعقوده وليس لسيده استخدامه ولا تأجيره ولا وطء الأمة المكاتبة، وإذا أعتق أو وقف أو وهب أو تصدق كان ذلك (مَوْقُوفاً) فإذا عتق نفذت وإن رق بطلت (غَالِباً) احترازاً من وطء السيد لمكاتبته فلا يوجب الحدَّ، ومن أرش الجناية فإن العبرة بحال الجناية ولو عتق من بعدُ، وكذا الحج لا يجزئه حتى يعتق جميعه ففي هذه المسائل لا يكون حكمه حكم الحرِّ.