لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في صفات من يجوز تقليده

صفحة 30 - الجزء 1

  وَلَا قِيَاساً لِمَسْأَلَةٍ عَلَى أُخْرَى إلَّا مِنْ عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ رَدِّ الْفَرْعِ إلَى الْأَصْلِ، وَطُرُقِ الْعِلَّةِ، وَكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا، وَوُجُوهِ تَرْجِيحِهَا، لَا خَوَاصِّهَا وَشُرُوطِهَا، وَكَوْنِ إمَامِهِ مِمَّنْ يَرَى تَخْصِيصَهَا أَوْ يَمْنَعُهُ، وَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِ إمَامَيْنِ فَيَصِيرُ حَيْثُ يَخْتَلِفَانِ مُخَيَّراً بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا فَقَطْ خِلَافٌ، وَبِتَمَامِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَمَّتِ الْمُقَدِّمَةُ.


  (وَلَا) يقبل المقلد (قِيَاساً لِمَسْأَلَةٍ) من مسائل إمامه (عَلَى أُخْرَى) من مسائله فتجعل المسألة المقيسة من مذهبه قياساً على نظيرها (إِلَّا مِنْ عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ رَدِّ الْفَرْعِ) المقيس (إلَى الْأَصْلِ) المقيس عليه لئلا يسلك قياساً فاسداً، وإنما يعرف هذه الكيفية من كان عارفاً بشروط الأصل والفرع، وقد ذكرها في التاج وغيره فلتراجع (وَ) عارف بـ (طُرُقِ الْعِلَّةِ) وهي التي يعلم بها كون العلة في ذلك الحكم علة كالنص وتنبيه النص والمناسبة (وَكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا) أي العلل ويمكنه معرفة ذلك بمعرفة وجوه الترجيح، وقد أشار # إلى ذلك بقوله: (وَوُجُوهِ تَرْجِيحِهَا) فعمله بالعلة المنصوص عليها أولى من عمله بالتي نبه عليها فقط (لَا) معرفة (خَوَاصِّهَا) وهي أنها تصح أن تكون نفياً وإثباتاً ومركبة فلا يلزم ذلك (وَ) لا يجب أيضاً معرفة (شُرُوطِهَا) وهي أن يكون الدليل على كونها علةً شرعيّاً من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، وأن تكون مؤثرة في اقتضاء الحكم إلى غير ذلك من الشروط (وَ) لا يلزم المقلد معرفة (كَوْنِ إمَامِهِ) الذي استخرج على أصله ذلك الحكم من تلك العلة (مِمَّنْ يَرَى تَخْصِيصَهَا أَوْ يَمْنَعُهُ) ومعنى تخصيصها أنه يصح ثبوتها في بعض الفروع ولا يثبت الحكم الذي اقتضته في غيره.

  (وَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِ إمَامَيْنِ) أو أكثر (فَيَصِيرُ) المقلد لهما (حَيْثُ يَخْتَلِفَانِ) في حكم من الأحكام (مُخَيَّراً بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا فَقَطْ) لا غيرهما لو كان له قول ثالث في تلك الحادثة (خِلَافٌ) المختار للمذهب جواز التزام مذهب إمامين أو أكثر ما لم يؤدِّ إلى اتباع الرُّخَص، فيجوز التزام مذهب أهل البيت $ جملة فيكون مقلداً لكلِّ واحدٍ من أهل البيت حيث يتفقون مُخيراً بين أقوالهم حيث يختلفون، وليس له أن يعمل بقول من يخالف مذهبهم (وَبِتَمَامِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَمَّتِ الْمُقَدِّمَةُ) أي التي لا يسع المقلدَ جهلُها.