لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في بيان ما يصح فيه الإرعاء وكيفية تحمله وأدائه

صفحة 473 - الجزء 1

  وَإنَّمَا يَنُوبَانِ عَنْ مَيِّتٍ أَوْ مَعْذُورٍ أَوْ غَائِبٍ بَرِيداً، يَقُولُ الْأَصْلُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا، وَالْفَرْعُ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَاناً أَشْهَدَنِيْ أَوْ أَمَرَنِيْ أَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا، وَيُعَيِّنَانِ الْأُصُولَ مَا تَدَارَجُوا، وَلَهُمْ تَعْدِيلُهُمْ.

  (فَصْلٌ) وَيَكْفِي شَاهِدٌ أَوْ رَعِيَّانِ عَلَى أَصْلٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَلَوْ فَاسِقاً فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ مَحْضٍ غَالِباً لَا رَعِيٌّ مَعَ أَصْلٍ، وَلَوْ أَرْعَاهُمَا صَاحِبُهُ، وَمَتَى صَحَّتْ شَهَادَةٌ لَمْ تُؤَثِّرْ مَزِيَّةُ الْأُخْرَى.


  (وَإنَّمَا يَنُوبَانِ) يعني الفرعين (عَنْ مَيِّتٍ أَوْ مَعْذُورٍ) عن الحضور لمرضٍ أو خوفٍ أو غيرهما (أَوْ غَائِبٍ بَرِيداً) فصاعداً (يَقُولُ الْأَصْلُ اشْهَدْ) أو أمرتُك أو أذِنْتُ لك أن تشهد (عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) فإن قال اشهد أني أشهد بكذا لم يصح (وَ) يقول (الْفَرْعُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَاناً أَشْهَدَنِيْ أوْ أَمَرَنِيْ أَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا) ويكفي أن يلقنه الحاكم بهذه الألفاظ فيجيب بِنَعَمْ (وَيُعَيِّنَانِ) أي الفرعان (الْأُصُولَ) بأسمائهم وأسماءِ آبائهم بحيث لا يلتبسون بغيرهم (مَا تَدَارَجُوا وَلَهُمْ) أي للفروع (تَعْدِيلُهُمْ) يعني تعديل الأصول، وأما الأصول فلا يصح أن يعدِّلوا الفروعَ لأنهم يريدون إمضاء شهادتهم، وكذا لا يصح أن يعدِّل أحدُ الفرعين صاحبَه.

  (فَصْلٌ):

  (وَيَكْفِي شَاهِدٌ) واحدٌ (أَوْ رَعِيَّانِ عَلَى أَصْلٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ) مع (يَمِينِ الْمُدَّعِي وَلَو) كان الحالف (فَاسِقَاً) فإنَّ يمينه تقوم مقام شاهدٍ (فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ مَحْضٍ) خرج ما كان حقّاً لله محضاً كحد شارب الخمر ومشوباً كحد القاذف والسارق فلا تقبل فيه شهادة النساء والفروع (غَالِباً) هذا الإحتراز من مفهوم الأزهار الذي قد ذكرناه في التعليق لأنه يحترز من الرضاع وتثليث الطلاق والوقف أصله وغلته ونحو ذلك فإنها تقبل فيها شهادة الفروع والنساء مع أنها من حقوق الله تعالى أو مشوبةٌ (لَا رَعِيٌّ) واحدٌ (مَعَ أَصْلٍ) واحدٍ فلا يكفي (وَلَوْ أَرْعَاهُمَا صَاحِبُهُ) يعني الأصل الثاني أرعى الأصل الآخَر مع الرَّعي فلم تكمل الشهادة.

  (وَمَتَى صَحَّتْ شَهَادَةٌ) أي كملت على الوجه الشرعي (لَمْ تُؤَثِّرْ مَزِيَّةُ) الشهادة (الْأُخْرَى) فيما يرجع إلى الشهود من كثرةٍ أو زيادة عدالةٍ نحو أن يكون لأحد الخصمين ثلاثة شهود وللآخر شاهدان ولو أبلغ في العدالة لم يؤثر ذلك ونحو أن يكون لأحدهما أصلان وللآخر أدون من ذلك فلا يؤثر ذلك.