(فصل) في بيان ما يجب على الحاكم استعماله وما يندب له وما يحرم عليه
  وَالْأَمْرُ بِالتَّسْلِيمِ، وَالْحَبْسُ لَهُ إنْ طُلِبَ، وَالْقَيْدُ لِمَصْلَحَةٍ إلَّا وَالِداً لِوَلَدِهِ، وَيُحْبَسُ لِنَفَقَةِ طِفْلِهِ لَا دَيْنِهِ، وَنَفَقَةُ الْمَحْبُوسِ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ مِنْ خَصْمِهِ قَرْضاً، وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ وَالْأَعْوَانِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، ثُمَّ مِنْ ذِي الْحَقِّ كَالْمُقْتَصِّ.
  وَنُدِبَ الْحَثُّ عَلَى الصُّلْحِ، وَتَرْتِيبُ الْوَاصِلِينَ، وَتَمْيِيزُ مَجْلِسِ النِّسَاءِ، وَتَقْدِيمُ أَضْعَفِ الْمُدَّعِيَيْنِ، وَالْبَادِيْ وَالتَّنَسُّمُ وَاسْتِحْضَارُ الْعُلَمَاءِ إلَّا لِتَغَيُّرِ حَالِهِ،
  (وَ) عليه (الْأَمْرُ) للمدعى عليه (بِالتَّسْلِيمِ) للحقِّ (وَالْحَبْسُ لَهُ) إن تمرد عن تسليم الحق (إنْ طُلِبَتْ) منه فإن لم يطالبه صاحب الحقِّ لم يجب عليه (وَ) عليه أيضاً (الْقَيْدُ) للتمرُّدِ (لِمَصْلَحَةٍ) وهي إذا عُرِفَ أنَّه لا يخرج عما هو عليه إلا بذلك أو عرف الحاكم أنه يهرب من السجن (إلَّا وَالِداً) فلا يحبس ولا يقيدُ بدينٍ (لِوَلَدِهِ، وَيُحْبَسُ) الوالد ويقيد (لِنَفَقَةِ طِفْلِهِ) وكذا سائر الأقارب إذا تمرَّد مع اليسار (لَا دَيْنِهِ) فلا يحبس لقضاء دين طفله (وَنَفَقَةُ الْمَحْبُوسِ) بالحقِّ الواجب عليه (مِنْ مَالِهِ ثُمَّ) إذا لم يكن له مالٌ ولا قريبٌ موسرٌ؛ ينفق عليه (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ) إذا لم يكن في بيت المال شيءٌ أُنْفِقَ عليه (مِنْ خَصْمِهِ قَرْضاً) ويرجع بها عليه إذا نوى الرجوع (وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ وَالْأَعْوَانِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ) وقد جمعت أموال المصالح في قوله:
  مالُ المَصالحِ سبعةٌ مذكورةٌ ... فيءٌ وصُلْحٌ جزْيَةٌ وخَراجُ
  وَمظالمٌ مجهولةٌ وضوالهم ... لُقَطٌ وخُمْسٌ كُلُّها تُحتاجُ
  (ثُمَّ) إذا لم يكن للمصالح مالٌ كانت (مِنْ) مال (ذِي الْحَقِّ) الذي حُبس من أجله (كَالْمُقْتَصِّ) إذا استأجر من يَقتصُّ له كانت الأجرة من ماله.
  (وَنُدِبَ) للحاكم سبعةُ أمورٍ: (الْحَثُّ) للخصمين (عَلَى الصُّلْحِ) بمعنى يرغبهما إلى التصادق في المدعى به وبعد التصادق وثبوت الحق يُرَغِّبُ من له الحق بعد إعلامه بثبوته على إسقاط بعضه على جهة المسامحة وتطييب النفوس (وَتَرْتِيبُ الْوَاصِلِينَ) إلى مجلس الحكم أو على ما يراه من الصلاح (وَتَمْيِيزُ مَجْلِسِ النِّسَاءِ) من مجالس الرجال (وَتَقْدِيمُ أَضْعَفِ الْمُدَّعِيَيْنِ) جسماً أو عشيرةً أو ظرافةً، فيسمع حجته ولعله إذا كان كلُّ واحدٍ منهما مُدَّعياً ومدعى عليه (وَ) تقديم (الْبَادِيْ) على الحاضر (وَالتَّنَسُّمُ) وهو أن لا يُجْهِدَ نفسَه في الانبساط (وَاسْتِحْضَارُ الْعُلَمَاءِ) في مجلس حكمه للمراجعة فيما الْتبسَ أمرُهُ (إلَّا لِتَغَيُّرِ حَالِهِ) بحضورهم فيشاورهم في غير مجلس الحكم.