باب والقضاء
  وَيَحْرُمُ تَلْقِينُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَشَاهِدِهِ إلَّا تَثَبُّتاً، وَالْخَوْضُ مَعَهُ فِي قَضِيَّتِهِ، وَالْحُكْمُ بَعْدَ الْفَتْوَى، وَحَالَ تَأَذٍّ أَوْ ذُهُولٍ، وَلِنَفْسِهِ وَعَبْدِهِ وَشَرِيكِهِ فِي التَّصَرُّفِ، بَلْ يُرَافِعُ إلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا الْإِمَامُ، قِيلَ وَتَعَمُّدُ الْمَسْجِدِ، وَلَهُ الْقَضَاءُ بِمَا عَلِمَ، إلَّا فِي حَدٍّ غَيْرِ الْقَذْفِ، وَعَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، أَوْ لَا يُنَالُ، أَوْ مُتَغَلِّبٍ بَعْدَ الْإِعْذَارِ، وَمَتَى حَضَرَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَعْرِيفُ الشُّهُودِ، وَلَا يَجْرَحُ إلَّا بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ،
  (وَيَحْرُمُ) على الحاكم ستةُ أشياءٍ: (تَلْقِينُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) حجتَهُ بأن يقول له ادَّعِ أو اشهد بكذا (وَ) تلقين (شَاهِدِهِ إلَّا تَثَبُّتاً) في معرفة كيفية شهادته (وَالْخَوْضُ مَعَهُ) أي مع أحد الخصمين (فِي قَضِيَّتِهِ) لأن ذلك يورث التهمة (وَالْحُكْمُ بَعْدَ الْفَتْوَى) في تلك المسألة إذ حكمه تقريرٌ لفتواه (وَ) الحكم (حَالَ تَأَذٍّ) بجوعٍ أو عطشٍ أو حصرٍ أو حَرٍّ أو بردٍ (أَوْ ذُهُولٍ) وهو عدم اجتماع الذهن لعارضٍ (وَ) الحكم (لِنَفْسِهِ) على غيره (وَعَبْدِهِ) المأذون في التجارة (وَشَرِيكِهِ فِي التَّصَرُّفِ) كشريك المفاوضة أو العنان أو الوجوه أو الأبدان وكذا المضارب (بَلْ يُرَافِعُ إلَى غَيْرِهِ) إمَّا الإمام أو منصوبه، فإن لم يكن فإلى من صلح للقضاء (وَكَذَا الْإِمَامُ) لا يحكم لنفسه وعبده وشريكه بل يرافع إلى قاضيه (قِيلَ) الوافي (وَ) يحرم على القاضي (تَعَمُّدُ الْمَسْجِدِ) والمختار أنَّه لا يحرم بل يكره، فإذا عرضت له القضية وهو في المسجد جاز له الحكم ما لم يشغل مصلياً.
  (وَ) يجوز (لَهُ الْقَضَاءُ بِمَا عَلِمَ) بعد سماع الدعوى والإجابة وقد يجب (إلَّا فِي حَدٍّ غَيْرِ الْقَذْفِ) فلا يجوز له أن يحكم فيه بعلمه، وأما القذف والقصاص والتعزيرات والسرقة لأجل المال فيحكم فيها بعلمه (وَ) يجوز له أن يقضيَ (عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ) بعد أن ينصب عنه وكيلاً (أَوْ مَجْهُولٍ) لا يُعرَفُ في أيِّ جهةٍ هو (أَوْ لَا يُنَالُ) كالمحبوس في حبسٍ ممنوعٍ دخوله (أَوْ) على (مُتَغَلِّبٍ) على مجلس الشرع والتوكيل (بَعْدَ الْإعْذَارِ) وهو أن يأمر رجلين أو نحوهم بندائه مبالغين في ذلك، فيَشْهَدُوا أنَّه امتنع من الحضور والتوكيل (وَمَتَى حَضَرَ) الغائب ونحوُه (فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَعْرِيفُ الشُّهُودِ) الذين شهدوا عليه ولا يجب إعادة الشهادة (وَلَا يَجْرَحُ) الشهودَ (إلَّا بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ) كالفسق الصريح والكفر.