(فصل) في بيان ما ينفذ من الأحكام ظاهرا وبا طنا وما لا ينفذ إلا ظاهرا فقط
  (فَصْلٌ) وَحُكْمُهُ فِي الْإِيقَاعِ وَالظَّنِّيَّاتِ يَنْفُذُ ظَاهِراً وَبَاطِناً؛ لَا فِي الْوُقُوعِ فَفِي الظَّاهِرِ فَقَطْ إنْ خَالَفَ الْبَاطِنَ، وَيَجُوزُ امْتِثَالُ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ حَدٍّ وَغَيْرِهِ، وَيَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ إلَّا فِي قَطْعِيٍّ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْمُمْتَثِلِ أَوِ الْبَاطِنَ، وَلَا يُلْزِمَانِ الْغَيْرَ اجْتِهَادَهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ إلَّا فِيمَا يَقْوَى بِهِ أَمْرُ الْإِمَامِ؛ كَالْحُقُوقِ وَالشِّعَارِ، لَا فِيمَا يَخُصُّ نَفْسَهُ،
(فَصْلٌ) في بيان ما ينفذ من الأحكام ظاهراً وبا طناً وما لا ينفذ إلا ظاهراً فقط
  (وَحُكْمُهُ فِي الْإِيقَاعِ) وهو ما ابتدأ الحاكم بإيقاعه كبيع مال المفلس والفسخ بين المتلاعنين ونحو ذلك (وَالظَّنِّيَّاتِ) المختلف فيها كنفقة الزوجة الصغيرة وبيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النَّساء (يَنْفُذُ ظَاهِراً وَبَاطِناً) يعني يطيب للمحكوم عليه في الظاهر والباطن فيما بينه وبين الله (لَا) حكمه (فِي الْوُقُوعِ) وهو أن يحكم بصحة إيقاعه نحو أن يحكم أن فلاناً باع كذا أو نحو ذلك (فَفِي الظَّاهِرِ فَقَطْ) ينفذ حكمه (إنْ خَالَفَ الْبَاطِنَ) نحو أن يحكم بثبوت القصاص بشهادة زورٍ فينفذ في الظاهر، وأمَّا في الباطن فلا يحل للمحكوم له القصاصُ (وَيَجُوزُ امْتِثَالُ مَا حَكَمَ بِهِ) الحاكم (مِنْ حَدٍّ) كقطع سارقٍ وجلد زانٍ (وَغَيْرِهِ) كالقصاص والتعزير فيجوز للمأمور بها أن يفعلها (وَيَجِبُ) فعل هذه الأمور (بِأَمْرِ الْإِمَامِ إلَّا) أن يكون ذلك الشيء (فِي قَطْعِيٍّ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْمُمْتَثِلِ) فلا يجوز له امتثاله نحو أن يأمر بنكاح المتعة أو الشغار والمأمور يعتقد أن ذلك لا يجوز لأن الخلاف قطعي في مذهبه (أَوْ) كان ذلك يخالف (الْبَاطِنَ) كأن يأمر الإمام بقتل رجلٍ قصاصاً بشهادةٍ قامت عنده، والمأمور يعلم يقيناً أن القاتل غيرُهُ فإنَّه لا يجوز له الإمتثالُ (وَلَا يُلْزِمَانِ) أي الإمامُ والحاكمُ (الْغَيْرَ اجْتِهَادَهُمَا) كأن يقولا إنَّ الطلاق يتبع الطلاق فلا يلزم الناسَ العملُ به إذا كان (قَبْلَ الْحُكْمِ) فأمَّا بعد الحكم الصحيح فيلزم المحكوم عليه امتثالُه لأنه ينفذ ظاهراً وباطناً وكذا ما استثناه بقوله #: (إلَّا فِيمَا يَقْوَى بِهِ أَمْرُ الْإِمَامِ كَالْحُقُوقِ) من زكاةٍ وغيرها (وَالشِّعَارِ) كحضور الجمعة والجماعة والولاية فله الإلزامُ ويجب الإمتثالُ (لَا فِيمَا يَخُصُّ نَفْسَهُ) ولا يعود نفعُه على الكافَّة من خدمةٍ وغيرها فلا يجب امتثالُ أمره فيه.