وَلَا يُسْقِطُهُ إلَّا الْعَفْوُ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ شَاهِدَانِ بِالْإِقْرَارِ، وَيَلْزَمُ مَنْ رَجَعَ مِنْ شُهُودِ الزِّنَى قَبْلَ التَّنْفِيذِ لَا بَعْدَهُ إلَّا الْأَرْشُ وَالْقِصَاصُ.

بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

  وَكَذَلِكَ مَنْ ثَبَتَ مِنْهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ إقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ شُرْبُ مُسْكِرٍ عَالِماً غَيْرَ مُضْطَرٍّ وَلَا مُكْرَهٍ وَإنْ قَلَّ، وَيُقَامُ بَعْدَ الصَّحْوِ، فَإِنْ فُعِلَ قَبْلَهُ لَمْ يُعَدْ، وَتكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّمِّ وَالْقَيْءِ وَلَوْ كُلُّ فَرْدٍ عَلَى فَرْدٍ.

  (وَلَا يُسْقِطُهُ) أيْ حدَّ القذف (إلَّا الْعَفْوُ) من المقذوف (قَبْلَ الرَّفْعِ) إلى الإمام أو حاكمه (أَوْ شَاهِدَانِ) ونحوهما على المقذوف (بِالْإِقْرَارِ) بالزنى ولو بعد الرفع، أو باختلال شرطٍ ممَّا مَرَّ (وَيَلْزَمُ) حدُّ القذف (مَنْ رَجَعَ) بعد انخرام الشهادة (مِنْ شُهُودِ الزِّنَى) وكان رجوعه (قَبْلَ التَّنْفِيذِ) قال أهل المذهب: الأولى قبل الشروع في الحدِّ (لَا بَعْدَهُ) أي بعد إقامته الحدَّ ولو ضربةً لها أرشٌ، فلا يلزمه (إلَّا الْأَرْشُ) للضرب الواقع على المشهود عليه (وَالْقِصَاصُ) إن كان الحدُّ رجماً على من رجع وأقرَّ بالعَمْدِيَّة وإلا فربع الدية على كلِّ واحدٍ ممن رجع، والله أعلم.

(بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ⁣^(⁣١))

  (وَكَذَلِكَ) يعني يُحَدُّ شارب الخمر كحدِّ القذف ثمانين جلدةً، وإنما يحدُّ كذلك (مَنْ ثَبَتَ مِنْهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) أصليَّينِ (أَوْ إقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ) ولو في مجلسٍ واحدٍ (شُرْبُ مُسْكِرٍ) من التمر أو الزبيب أو من غيرهما في حال كونه (عَالِماً) بخمورِيَّته (غَيْرَ مُضْطَرٍّ) إلى شربه لعطشٍ أو إساغة لقمةٍ غُصَّ بها (وَلَا مُكْرَهٍ) على شربه، ولا أخرس ولا أصَمَّ (وَإنْ قَلَّ) الذي شربه مهما وصل إلى جوفه؛ فيحدُّ لذلك (وَيُقَامُ) الحدُّ في الشرب وغيره (بَعْدَ الصَّحْوِ) من السكر (فَإِنْ فُعِلَ) الحدُّ (قَبْلَهُ) أي قبل الصحو (لَمْ يُعَدِ) الحدُّ بعد الصحو مرةً ثانيةً (وَتكْفِي) في لزوم حدِّ الشارب (الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّمِّ) أي شَمِّ رائحة الخمر من إنسانٍ (وَالْقَيْءِ) بمعنى أن يشهدا أنه تقيَّأ الخمرَ (وَلَوْ) شهد (كُلُّ فَرْدٍ) من الشهود (عَلَى فَرْدٍ) من أمري الشمِّ والقيء صحت هذه الشهادة، كأن يشهد رجلٌ أنه شمَّ رائحة الخمر من نكهته، ويشهد آخرُ أنه تقيأ خمراً، فتكفي هذه الشهادة، والله أعلم.

(١) لفظة: حَدِّ الشُرْبِ، سقطت من (ب).