لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل): في تعداد من حده القتل

صفحة 525 - الجزء 1

  فَإِنْ جَمَعَهَا قُتِلَ وَصُلِبَ فَقَطْ، وَيَقْبَلُ مَنْ وَصَلَهُ تَائِباً قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْحُدُودُ وَمَا قَدْ أَتْلَفَ وَلَوْ قَتْلاً لَا بَعْدَهُ، فَلَا عَفْوَ، وَيُخَيَّرُ فِي الْمُرَاسِلِ.

  (فَصْلٌ) وَالْقَتْلُ حَدُّ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ بِأَيِّ وَجْهٍ كَفَرَ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثاً فَأَبَى، وَالْمُحَارِبِ مُطْلَقاً، وَالدَّيُّوثِ، وَالسَّاحِرِ بَعْدَ الإِسْتِتَابَةِ، لَا الْمُعْتَرِفِ بِالتَّمْوِيهِ، وَلِلإِمَامِ تَأْدِيبُهُ.


  (فَإِنْ جَمَعَهَا⁣(⁣١)) أي أخذَ المال وجرحَ وقتلَ (قُتِلَ وَصُلِبَ) بعد قتله على جذعٍ أو جدارٍ حتى تتناثر عظامه، وقوله: (فَقَطْ) يعني أنه لا يقتصُّ منه بالأطراف ولا يضمن المالَ من تركته إلا أنه يَرُدُّ الباقي كما مرَّ (وَيَقْبَلُ) الإمام (مَنْ وَصَلَهُ) من المحاربين (تَائِباً قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ) لقوله تعالى: {إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٤}⁣[المائدة] (وَتَسْقُطُ عَنْهُ) أي عن المحاربِ التائبِ (الْحُدُودُ) جميعُها (وَمَا قَدْ أَتْلَفَ) حسّاً من حقوق الآدميين (وَلَوْ قَتْلاً) لنفسٍ أو قصاصاً لعضوٍ أو أرشاً لجرحٍ (لَا) إذا تاب (بَعْدَهُ) أي بعد الظفر به (فَلَا عَفْوَ) أي فلا يُسقِطُ الإمام عنه شيئاً من حقوق الله ولا من حقوق الآدمِيِّينَ إلا لمصلحةٍ (وَيُخَيَّرُ) الإمام (فِي) قبول توبة (الْمُرَاسِلِ) له بأن يصله تائباً، فيعمل بحسب ما يراه أصلح، والله أعلم.

(فَصْلٌ): في تعداد من حده القتل

  (وَالْقَتْلُ حَدُّ الْحَرْبِيِّ) بعد أسره حيث لا يُسْتَرَقُّ (وَالْمُرْتَدِّ) عن الإسلام (بِأَيِّ وَجْهٍ كَفَرَ) سواءٌ كفر تصريحاً كإنكاره الرسل أو بالإلحاد أو بلفظٍ أو فعلٍ كفريٍّ أو نحو ذلك، وإنما يقتل المرتدُّ (بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ) وجوباً (ثَلَاثاً فَأَبَى) أن يتوب والظاهر للمذهب أن تطلب منه التوبةُ مرةً واحدةً ويمهل ثلاثة أيامٍ؛ فإن تاب وإلَّا قتل (وَ) هو أيضاً حدُّ (الْمُحَارِبِ مُطْلَقاً) أي من غير استتابته ثلاثاً، ومثله الزاني الْمُحْصَن (وَالدَّيُّوثِ) وهو الذي يرضى أن تفعل محارمُه أو إماؤه الفاحشةَ (وَالسَّاحِرِ) وهو من يُظْهِرُ من نفسه أنه يقدر على تبديل الخلق وجعل الإنسان بهيمةً وعكسه، وكذا مدعي الجمع والتفريق بين القلوب بالمحبَّةِ والبغض، وإنما يقتل الساحرُ (بَعْدَ الإِسْتِتَابَةِ) له وللدَّيوث (لَا الْمُعْتَرِفِ بِالتَّمْوِيهِ) بما يفعله من الشعبذة وأنه لا حقيقة له فلا يقتلُ (وَلِلإِمَامِ تَأْدِيبُهُ) بحبسٍ أو غيره وجوباً على الإمام أو


(١) في (ب): جَمَعَهُمَا، والأولى ما أثبتناه.