لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في ذكر صور من الجنايات لا يجب الضمان في بعضها ويجب في بعض

صفحة 536 - الجزء 1

  (فَصْلٌ) وَلَا شَيْءَ فِي رَاقِي نَخْلَةٍ مَاتَ بِالرُّؤْيَةِ غَالِباً، أَوْ بِالزَّجْرِ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِدُونِهِ، وَلَا عَلَى الْمُمْسِكِ وَالصَّابِرِ إلَّا الْأَدَبُ بَلِ الْمُعَرِّيْ وَالْحَابِسِ حَتَّى مَاتَ جُوعاً أَوْ بَرْداً، وَفِي الْمُكْرِهِ خِلَافٌ، وَالْعِبْرَةُ فِي عَبْدٍ وَكَافِرٍ رُمِيَا فَاخْتَلَفَ حَالُهُمَا بِالْمُسْقِطِ؛ لَا بِالإِنْتِهَاءِ.


(فَصْلٌ) في ذكر صورٍ من الجنايات لا يجب الضمان في بعضها ويجب في بعضٍ

  (وَلَا شَيْءَ) أي لا دية ولا قود (فِي رَاقِي نَخْلَةٍ) أو نحوها كالجدار أو الدار (مَاتَ بِالرُّؤْيَةِ) للمالك، يعني فزع من رؤية المالك فسقط فمات فلا يضمنه المالك (غَالِباً) احترازاً من نحو أن يلبسَ المالكُ لباساً منكراً مفزعاً ولو معتاداً لغيره كلبس الجندي مثلاً لقصد إفزاعه بصورته وكان ينزجرُ بدون ذلك فإن المالك لا يقادُ به ولكن يضمن الديةَ (أَوْ) مات راقي النخلة ونحوها (بِالزَّجْرِ) من المالك أو الحافظ فلا شيء في ذلك (إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِدُونِهِ) أي بدون ذلك الزَّجْرِ وإلَّا ضمنه (وَلَا) شيء (عَلَى الْمُمْسِكِ) لغيره (وَالصَّابِرِ) أي الحابس للغير حتى جاء آخَرُ ممَّنْ تُضْمنُ جنايته فقتله (إلَّا الْأَدَبُ بَلْ) يجب القود على (الْمُعَرِّيْ) لغيره ممَّا يقيه من الحرِّ أو البردِ (وَالْحَابِسِ) له ولم يمكنه التخلُّصُ (حَتَّى مَاتَ جُوعاً أَوْ بَرْداً) أو حرّاً أو عطشاً لأنه فعل السبب ولم يوجد من يتعلق به إلا المسبِّبَ (وَفِي الْمُكْرِهِ) بكسر الراء (خِلَافٌ) بين العلماء هل يجب عليه القصاص أو على المأمور، فالمختارُ أنه على المأمور وهو المباشر، حيث بقي له فعلٌ، فإن لم يبقَ له فعلٌ فعلى المكرِه الآمِر (وَالْعِبْرَةُ فِي عَبْدٍ وَكَافِرٍ رُمِيَا فَاخْتَلَفَ حَالُهُمَا) إلى الحرية والإسلام قبل الإصابة (بِالْمُسْقِطِ) للقود أو الديةِ حالَ الرَّمي (لَا بِالإِنْتِهَاءِ) وهو حال الإصابة، فلو رمى حرٌّ عبداً فأُعْتِقَ العبدُ قبل أن يصيبه السَّهمُ فالعبرة بحال الفعل فلا قود، وتجب الدية، ولو رُمي مسلمٌ ولم يقع به السهم إلا وقد ارتدَّ فلا قود ولا دية لاعتبار المسقط في المجني عليه، والظاهر أنهم يعتبرون حال الفعل في الفاعل مطلقاً، والله أعلم.