لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في أحكام دار الحرب

صفحة 584 - الجزء 1

  (فَصْلٌ) وَدَارُ الْحَرْبِ دَارُ إبَاحَةٍ، يَمْلِكُ كُلٌّ فِيهَا مَا ثَبَتَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، وَلَنَا شِرَاؤُهُ؛ وَلَوْ وَالِداً مِنْ وَلَدٍ إِلَّا حُرّاً قَدْ أَسْلَمَ وَلَوِ ارْتَدَّ، وَلَا قِصَاصَ فِيهَا مُطْلَقاً، وَلَا تَأَرُّشَ إلَّا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَانُهُمْ لِمُسْلِمٍ أَمَانٌ لَهُمْ مِنْهُ فَلَا يَغْنَمُ عَلَيْهِمْ، وَيَرُدُّ مَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ غَنِمَهُ بَعْدَ الْأَمَانِ، وَلَا يَفِ بِمَحْظُورٍ شَرَطَهُ مَنْ لُبْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ اسْتِرْجَاعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ، وَلِغَيْرِ الْمُسْتَأْمِنِ أَخَذُ مَا ظَفِرَ بِهِ وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِ.


(فَصْلٌ) في أحكام دار الحرب

  (وَدَارُ الْحَرْبِ) وهي التي شوكتها لأهل الكفر من غير ذمةٍ ولا جوارٍ (دَارُ إبَاحَةٍ) فيما بينهم، وفيما بين المسلمين وبينهم، ومعنى ذلك أنَّه (يَمْلِكُ كُلٌّ) ممن هو (فِيهَا مَا ثَبَتَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ) من آدميٍّ أو غيره بقهرٍ، أو حَكَمَ به حاكمُ المشركين (وَلَنَا شِرَاؤُهُ) ممن ثبتت يدُهُ عليه (وَلَوِ) اشترينا (وَالِداً مِنْ وَلَدٍ⁣(⁣١)) فإنه يصح تملُّكُهُ وليس بشراءٍ صحيحٍ (إِلَّا) أن يكون من ثبتت عليه اليدُ (حُرّاً قَدْ أَسْلَمَ) فلا يصح تملُّكُهُ لمسلمٍ ولا لكافرٍ (وَلَوْ) كان قد (ارْتَدَّ) عن الإسلام فرِدَّتُهُ لا تبيح أخذه ملكاً.

  (وَ) من أحكام دار الحرب أنه (لَا قِصَاصَ فِيهَا) بين أهل الجنايات (مُطْلَقاً) أي سواءً كانت الجنايات بين الكفار، أم بين المسلمين، أم بين الكفار والمسلمين، وأمَّا الدية فتجبُ (وَلَا تَأَرُّشَ) لما يجب فيه الأرشُ (إلَّا) إذا كانت الجنايات (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) أو المصالَحِينَ أو الذميِّينَ فيجب الأرش (وَأَمَانُهُمْ لِمُسْلِمٍ أَمَانٌ لَهُمْ مِنْهُ) فإذا أمَّنَ الكفارُ مسلماً كانوا آمنين من جهته (فلا يَغْنَمُ عَلَيْهِمْ) هذا الْمُؤَمَّنُ شيئاً من أموالهم ولا من أنفسهم (وَيَرُدُّ) لهم استحباباً (مَا اشْتَرَاهُ) أو اتَّهَبَهُ أو نحو ذلك (مِمَّنْ غَنِمَهُ بَعْدَ الْأَمَانِ) الذي انعقد بينه وبينهم، فإن لم يرد ملَكَه؛ إذ قد ملكه الغانمُ (وَلَا يَفِ) المستأمن (بِمَحْظُورٍ شَرَطَهُ) لهم على نفسه في مقابلة الأمان (مِنْ لُبْثٍ) معهم سنةً في دار الحرب لأنه يحرمُ (أَوْ غَيرِهِ) كالعود إليهم والإعانة لهم على المسلمين (وَلَهُ) أي المستأمن (اسْتِرْجَاعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ) على المسلمين من الكفار إذا كان في دارهم ما لم تثبت عليه يدٌ منهم (وَلِغَيْرِ الْمُسْتَأْمِنِ) من المسلمين أو من غيرهم إذا دخل دار الحرب (أَخْذُ مَا ظَفِرَ بِهِ) من أموالهم في غير هدنةٍ بأيِّ وجهٍ (وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِ) فيما أخذه بغير القهر.


(١) في (أ): مِنْ وَلَدِهِ.