(فصل) في بيان ماهية الباغي وحكمه
  (فَصْلٌ) وَالْبَاغِيْ مَنْ يُظْهِرُ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَالْإِمَامُ مُبْطِلٌ، وَحَارَبَهُ أَوْ عَزَمَ أَوْ مَنَعَ مِنْهُ أَوْ مْنَعَهُ وَاجِباً أَوْ قامَ بِمَا أَمْرُهُ إلَيْهِ وَلَهُ مَنَعَةٌ، وَحُكْمُهُمْ جَمِيعُ مَا مَرَّ، إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُسْبَوْنَ، وَلَا يُقْتَلُ جَرِيحُهُمْ وَلَا مُدْبِرُهُمْ إلَّا ذَا فِئَةٍ أَوْ لِخَشْيَةِ الْعَوْدِ كَلِكُلِّ مَبْغِيٍّ عَلَيْهِ، وَلَا يَغْنَمُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إلَّا الْإِمَامُ مَا أَجَلَبُوا بِهِ مِنْ مَالٍ وَآلَةِ حَرْبٍ وَلَوْ مُسْتَعَاراً لِذَلِكَ لَا غَصْباً، وَلَا يَجُوزُ مَا عَدَا ذَلِكَ؛ لَكِنْ لِلْإِمَامِ فَقَطْ تَضْمِينُهُمْ ...
(فَصْلٌ) في بيان ماهية الباغي وحكمه
  (وَالْبَاغِيْ) في الشرع هو (مَنْ يُظْهِرُ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَالْإِمَامُ مُبْطِلٌ) سواءٌ كان عن اعتقاد جازمٍ أو لا (وَحَارَبَهُ) أي حارب الإمام (أَوْ عَزَمَ) على حربه (أَوْ مَنَعَ مِنْهُ) واجباً طلبه منه، نحو أن يطالبه بزكاة ماله أو بخُمُس ما يُخمَّس فامتنع من إعطائه (أَوْ مْنَعَهُ) أن ينفذ أمراً (وَاجِباً) عليه إنفاذه من جهاد قومٍ أو إقامة حدٍّ قد وجب عليه إقامته (أَوْ قامَ بِمَا أَمْرُهُ إلَيْهِ) أي إلى الإمام كحدٍّ وجمعةٍ ونحو ذلك مع كراهية الإمام ونهيه عن ذلك (وَ) كانت (لَهُ مَنَعَةٌ) إمَّا حصنٌ يتحصن فيه أو مدينةٌ أو عشيرةٌ تقوم بقيامه وتقعد بقعوده (وَحُكْمُهُمْ) في المقاتلة (جَمِيعُ مَا مَرَّ) ذكرُهُ في مقاتلة الكفار فيصنع بهم كما يصنع بالكفار (إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُسْبَوْنَ) لا ذكورهم ولا إناثهم ولا صغيرهم ولا كبيرهم (وَلَا يُقْتَلُ جَرِيحُهُمْ) إذا كان قد جُرِحَ جرحاً لا يمكن معه القتال (وَلَا) يُقْتَلُ (مُدْبِرُهُمْ) وهو الهارب منهم منهزماً (إِلَّا) أن يكون الجريح أو المنهزم منهم (ذَا فِئَةٍ) يلتجئ إليها من ردءٍ أو منعةٍ فيجوز قتله (أَوْ لِخَشْيَةِ الْعَوْدِ) على الإمام أو عسكره ولو بعد زمانٍ طويلٍ، فإنه يجوز قتل المدبر والجريح (كَلِكُلِّ مَبْغِيٍّ عَلَيْهِ) في الحال أو المآل فإنه يجوز له ذلك (وَلَا يَغْنَمُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إلَّا الْإِمَامُ) وكذا أميره بقتالهم فيجوز لهما أن يغنما (مَا أَجَلَبُوا بِهِ مِنْ مَالٍ وَآلَةِ حَرْبٍ) يستعينون بها على الحرب (وَلَوْ) كان ذلك الشيء الذي قَدِموا به (مُسْتَعَاراً(١) لِذَلِكَ) أي للحرب وعَلِمَ المعير أنه كذلك فإنه يجوز أخذه (لَا) إذا كان (غَصْباً) أو رهناً أو وديعةً لغيرهم فلا يغنم بل يُرَدُّ لمالكه (وَلَا يَجُوزُ مَا عَدَا ذَلِكَ) الذي مرَّ من السلاح وما أجلبوا به أن يغنمه الإمام ومن معه (لَكِنْ لِلْإِمَامِ) وواليه (فَقَطْ تَضْمِينُهُمْ) ما قَبَضُوه من الحقوق من زكاةٍ ونحوها من أيدي عمال الإمام بعد قبضهم لها من
(١) في (أ) زيادة لفظة: (أوْ مُسْتَأَجَراً) هنا.