لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(فصل) في بيان حكم الرسل من الكفار المحاربين أو البغاة وحكم من وقع له أمان

صفحة 587 - الجزء 1

  وَأَعْوَانِهِمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحُقُوقَ، وَلَا يَنْقُضُ لَهُ مَا وَضَعُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي قُرْبَةٍ أَوْ مُبَاحٍ مُطْلَقاً أَوْ مَحْظُورٍ وَقَدْ تَلِفَ، وَلِلْمُسْلِمِ أَخْذُ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِ اللهِ مَعَهُمْ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِقّاً أَوْ لِيَصْرِفَ.

  (فَصْلٌ) وَمَنْ أُرْسِلَ أَوْ أَمَّنَهُ قَبْلَ نَهْيِ الْإِمَامِ مُكَلَّفٌ مُسْلِمٌ مُتَمَنِّعٌ مِنْهُمْ دُونَ سَنَةٍ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ تَعَالَ ...


  أرباب الأموال برضاهم (وَ) تضمينُ (أَعْوَانِهِم) أي أعوان البغاة (حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحُقُوقَ) التي عليهم مما أمره إليه (وَلَا يَنْقُضُ) الإمام (لَهُ) أي لأجل التضمين (مَا وَضَعُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي قُرْبَةٍ) كصلة رحمٍ، وإطعام جائعٍ، وكسوة عريانٍ، ووقف عقارٍ، وعمارة مسجدٍ، فلا ينقض الإمام وقفهم أو هبتهم لهذه الأشياء؛ لأنها قد ملَكَها من صارت إليه ملكاً مستقرّاً (أَوْ) وضعوه في (مُبَاحٍ) كالهدايا والهبة للأغنياء فليس للإمام نقضه (مُطْلَقاً) أي سواءً كان باقياً في يد من صار إليه أم قد أتلفه (أَوْ) وضعوا شيئاً من أملاكهم في (مَحْظُورٍ) كأنْ يُعْطُوا بَغِيّاً أو مغنيةً أجرتَها أو نحو ذلك، فإن الإمام لا يُضَمِّنُهُ القابضَ إذا أراد تضمينهم (وَقَدْ تَلِفَ) ذلك الشيءُ في يد من صار إليه، وأمَّا إذا كان باقياً فإن للإمام استرجاعَه إذا كان المحظور مشروطاً أو مضمراً.

  (وَلِلْمُسْلِمِ أَخْذُ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِ اللهِ مَعَهُمْ) أي مع البغاة الظَّلمة (لِنَفْسِهِ) في حال كونه (مُسْتَحِقّاً) لذلك الحقِّ الذي أخذه من زكاةٍ أو فطرةٍ أو خمسٍ (أَوْ) يأخذه (لِيَصْرِفَ) ذلك في مستحِقِّه من الفقراء أو المصالح، هكذا قال #، والمذهب أنه لا يجوز للمسلم ذلك بغير أمر الإمام.

(فَصْلٌ) في بيان حكم الرسل من الكفار المحاربين أو البغاة وحكم من وقع له أمانٌ

  (وَمَنْ أُرْسِلَ) إلينا من جهة الكفار أو دخل ليسمع كلام الله والوعظ فهو آمنٌ (أَوْ أَمَّنَهُ قَبْلَ نَهْيِ الْإِمَامِ) لأصحابه عن أن يُؤَمِّنُوا أحداً (مُكَلَّفٌ) ولو أنثى أو عبداً (مُسْلِمٌ) لا كافرٌ فلا حكم لتأمينه (مُتَمَنِّعٌ مِنْهُمْ) أي من الكفار بأن يكون في جانب المسلمين أو نحو ذلك، فإذا أَمَّنَ من جمع هذه الخصالَ كافراً (دُونَ سَنَةٍ) لا سنةً فصاعداً فلا يجوز إلَّا للإمام وواليه (وَلَوْ) عقد أمانه (بِإِشَارَةٍ) أشار بها المسلم للكافر (أَوْ) قال له (تَعَالَ) إلينا فإن ذلك يكون أماناً للمدعوِّ وولده الصغير ومالهما المنقول، كما لو قال أمَّنْتُك أو أنتَ آمنٌ أو نحو ذلك،