لباب الأفكار في توضيح مبهمات الأزهار،

أحمد بن حسن أبو علي (معاصر)

(كتاب الطلاق)

صفحة 207 - الجزء 1

(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

  إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ مُخْتَارٍ مُكَلَّفٍ غَالِباً قَصَدَ اللَّفْظَ فِي الصَّرِيحِ، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ إنْشَاءً كَانَ أَوْ إقْرَاراً أَوْ نِدَاءً أَوْ خَبَراً، وَلَوْ هازلاً أَوْ ظَانَّهَا غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ بِعَجَمِيٍّ عَرَفَهُ، وَاللَّفْظَ وَالْمَعْنَى فِي الْكِنَايَةِ،


  (إنَّمَا يَصِحُّ) الطلاق (مِنْ زَوْجٍ) أو وكيله فلا يصح من غيرهما إطلاقاً (مُخْتَارٍ) للطلاق حاله فلا يقع طلاق المكره إلا أن ينويه، وحدُّ الإكراه هو خشية الضرر من القادر عليه، ولا بد أن يكون من زوجٍ (مُكَلَّفٍ) وهو البالغ العاقل فلا يصح من الصبي ولا من المجنون ولا ممن زال عقله بالحشيشة أو الأفيون أو البنج (غَالِباً) احترازاً من السكران بالخمر فإنه يقع طلاقه سواءً بقي له تمييز أم زال عقله بالكلية، ويعتبر أن يكون المطلِّق قد (قَصَدَ اللَّفْظَ فِي) الطلاق باللفظ (الصَّرِيحِ) بأن ينطق به عالماً بمعناه عاقلاً مختاراً (وَهُوَ) أي الطلاق الصريح (مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ) أي غير الطلاق بأن يكون مشتملاً على حروف مادته الأصول وهي الطاء واللام والقاف (إنْشَاءً كَانَ) كأنتِ طالقٌ أو طلقتك أو عليك الطلاقُ أو فلانةٌ طالقٌ ولم يقصد الإقرار أو نحو ذلك، والمراد بالإنشاء مقارنة حصول معنى الطلاق لذلك اللفظ (أَوْ) كان (إقْرَاراً) كأنت مطلقة من الأمس أو قد طلقتك أو قد طلَّقتُ فلانةً، مريداً به الإقرار بوقوعه في الماضي، فإن كان كاذباً وقع به الطلاقُ في الظاهر (أَوْ نِدَاءً) نحو ياطالق أو يا مطلقة (أَوْ خَبَراً) نحو أُخبِركِ أنَّكِ طالقٌ (وَلَوْ) كان الزوج (هَازِلاً) بصرائح⁣(⁣١) الطلاق أي لم يقصد الطلاق فإنه يقع لأن الصريح لا يفتقر إلى نية (أَوْ) طلق امرأةً بالإشارة أو نحوها (ظَانَّهَا غَيْرَ زَوْجَتِهِ) فانكشفت زوجته وقع الطلاق عليها (أَوْ) طلَّقَها (بِعَجَمِيٍّ) أي بلفظٍ موضوعٍ للطلاق الصريح في العجم فإنه يقع إنْ (عَرَفَهُ) أي عرف معناه وأنَّه يُراد به الطلاق، ومثال العجمي: «بهشتم إيزني» ومعناه أرسلتُكِ عن الأزواج (وَ) يعتبر أن يكون المطلِّق قد قصد (اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى) معاً (فِي الْكِنَايَة).


(١) المجموعة في قوله: (مطلَّقَةٌ يا طالقٌ أنت طالقٌ * * * وطلَّقْتُها وهي الطلاقُ بلا مرا).