(فصل) في بيان الأفعال التي يصير بها الملك وقفا وبيان شروط المسجد
  (فَصْلٌ) وَمَنْ فَعَلَ فِي شَيْءٍ مَا ظَاهِرُهُ التَّسْبِيلُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ؛ كَنَصْبِ جِسْرٍ أَوْ تَعْلِيقِ بَابٍ فِي مَسْجِدٍ لَا نَحْوِ قِنْدِيلٍ وَلَا اقْتِطَاعٍ أَوْ شِرَاءٍ بِنِيَّتِهِ لَهُ، وَمَتَى كَمُلَتْ شُرُوطُ الْمَسْجِدِ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَهِيَ أَنْ يَلْفِظَ بِنِيَّةِ تَسْبِيلِهِ سُفْلاً وَعُلْواً، أَوْ يَبْنِيَهُ نَاوِياً وَيَفْتَحَ بَابَهُ إلَى مَا النَّاسُ فِيهِ عَلَى سَوَاءٍ، مَعَ كَوْنِهِ فِي مِلْكٍ أَوْ مُبَاحٍ مَحْضٍ أَوْ حَقٍّ عَامٍّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ،
(فَصْلٌ) في بيان الأفعال التي يصير بها الملك وقفاً وبيان شروط المسجد
  (وَمَنْ فَعَلَ فِي شَيْءٍ) من ملكه (مَا ظَاهِرُهُ التَّسْبِيلُ) يعني لا يفعل ذلك الفعلَ إلا مَنْ قَصْدُه التسبيلُ (خَرَجَ) ذلك الشيء (عَنْ مِلْكِهِ) ومع النية المقارنة يصير وقفاً (كَنَصْبِ جِسْرٍ) على نهرٍ للعبور عليه (أَوْ تَعْلِيقِ بَابٍ) يعني تركيبه (فِي مَسْجِدٍ) أو وقفٍ عامٍّ (لَا نَحْوِ قِنْدِيلٍ) أي مصباح إذا كان العرف جارياً بأنه يوضع ثم يؤخذ وأما في عرفنا الحالي فإنه يوضع لا للرفع فيصير للمسجد إن أراد به التسبيل كان وقفاً وإلا كان للمسجد ملكاً (وَلَا) نحو (اقْتِطَاعٍ) يعني اقتطاع عود من ملك أو مباح (أَوْ شِرَاءٍ) لشيءٍ من الأشياء (بِنِيَّتِهِ لَهُ) أي ليجعله له يعني للمسجد فلا يصير للمسجد، وقال في البيان: والمختار أن ما شراه أو اقتطعه للمسجد فللمسجد وإن شراه أو اقتطعه ليجعله في المسجد فباق على ملكه، قلت: يعني حتى يضعه في المسجد فيجري عليه حكم الباب، والله أعلم.
  (وَمَتَى كَمُلَتْ شُرُوطُ الْمَسْجِدِ) التي ستأتي قريباً (صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ) وصار الوقف لمنافعه وإن اختل شرطٌ لم يصح الوقف كأن يقول: وقفت على مسجد كذا، وهو معدوم قبل وجوده (وَهِيَ) يعني شروط الوقف خمسةٌ: (أَنْ يَلْفِظَ) من يصح منه الوقف فيقول وقفتُ أو حبَّسْتُ مكان كذا أو هذه العرصة (بِنِيَّةِ تَسْبِيلِهِ) يعني مع كونه ناوياً للقربة بتسبيله (سُفْلاً وَعُلْواً) إذا كان السفل والعلو ثابتين له نحو الدار، وأمَّا العرصة فلا تحتاج إلى ذكر السفل والعلو (أَو يَبْنِيَهُ نَاوِياً) كونه مسجداً (وَ) الشرط الثاني: أن (يَفْتَحَ بَابَهُ إلَى مَا النَّاسُ) يعني المسلمين (فِيهِ عَلَى سَوَاءٍ) في الحال لا في المستقبل. والشرط الثالث قوله: (مَعَ كَوْنِهِ فِي مِلْكٍ) للمسبِّل (أَوْ مُبَاحٍ مَحْضٍ) لم يتعلق به حقٌّ بتحجر ولا غيره (أَوْ) في (حَقٍّ عَامٍّ) كالطريق الواسع والسوق بشرطين: (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أو الحاكم أو من صَلُح لذلك (وَلَا ضَرَرَ فِيهِ) حالاً ولا مآلاً نحو تضييق الطريق. والشرط الرابع: أن يكون المسبِّل بالغاً عاقلاً. والخامس: أن يكون التسبيل عاماً لجميع المسلمين ...