(فصل) في بيان ما أمره إلى الإمام دون غيره وما يجب عليه
  وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُخْرَجُ لَهُ وَلِكُلِّ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ غَالِباً وَإنْ كَرِهَ الْوَالِدَانِ مَا لَمْ يَتَضَرَّرَا.
  (فَصْلٌ) وَإلَيْهِ وَحْدَهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَالْجُمَعِ، وَنَصْبُ الْحُكَّامِ، وَتَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ، وَإلْزَامُ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَنَصْبُ وُلَاةِ الْمَصَالِحِ وَالْأَيْتَامِ،
  (وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) بلا خلافٍ للآيات الدالة على وجوبه مع قوله تعالى: {لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ غَيۡرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ ...} الآية [النساء: ٩٥] إلا أن يقصد الكفارُ أو البغاة ديارنا ففرضُ عينٍ إن لم يكف البعضُ في دفعهم (يُخْرَجُ لَهُ) أي للجهاد (وَلِكُلِّ وَاجِبٍ) كالحجِّ وطلب العلم وغيرهما (أَوْ مَنْدُوبٍ) كالحجِّ نفلاً وزيارة مسجد الرسول ÷ (غَالِباً) احترازاً من أن يخرج لواجب كفاية ويترك فرض عين، ومثله أن يخرج لمندوبٍ ويترك مندوباً أفضل منه، أمَّا إذا كان الذي يخرج له آكدَ كما تقدم فيجب الخروج للواجب ويندب للمندوب (وَإنْ كَرِهَ الْوَالِدَانِ) أو أحدُهُما خروجه (مَا لَمْ يَتَضَرَّرَا) أو أحدُهُما بخروجه سواءً كان التضرُّر من جهة الإنفاق، أو البدن بحدوث علَّةٍ أو زيادتها أو بطء برئها فلا يجوز خروجه.
(فَصْلٌ) في بيان ما أمره إلى الإمام دون غيره وما يجب عليه
  (وَإلَيْه) أي الإمام (وَحْدَهُ) تسعةُ أمورٍ لا يجوز لأحدٍ أن يتولاها إلا هو: (إقَامَةُ الْحُدُودِ) المقدرة على الزاني، وشارب الخمر، والسارق ونحوهما، فلا يجوز لأحدٍ أن يتولَّى إقامة حدٍّ إلا بولايةٍ صحيحةٍ من إمام حقٍّ (وَ) إقامةُ (الْجُمَعِ) فلا تقام إلَّا بولايةٍ منه، أو الاعتزاء إليه على المذهب (وَنَصْبُ الْحُكَّامِ) وكذا يجوز هذا للمحتسب (وَتَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ) بعد الحكم على من هي عليه طوعاً أو كرهاً فليس ذلك إلَّا إلى الإمام، أو حاكمه أو المحتسب أو حاكمه (وَإلْزَامُ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ) لآدميٍّ أو لله (الْخُرُوجَ مِنْهُ) والمراد بالإلزام هنا أن يحبسه أو يتوعده بالحبس حتى يُخْرِجَ ذلك الحقَّ بنفسه (وَالْحَمْلُ) أي الإكراهُ (عَلَى الْوَاجِبِ) البدني كالصلاةِ والصيامِ والحجِّ الموصى به والجهادِ (وَنَصْبُ وُلَاةِ الْمَصَالِحِ) العامَّةِ كالمساجد والمعاهد والمناهل والمقابر ونحوها (وَ) ولاةِ (الْأَيْتَامِ) حيث لا وليَّ من أبٍ أو نحوه؛ فإلى الإمام نصبُ من يتولى عليهم.