[مقدمة المؤلف]
  يرزقنا الثبات على الرشد والنجاة من النار، وسلوك سبيل المؤمنين، ومرافقة الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى الإنس والجنِّ أجمعين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  وبعد: فإن العبد الفقير الحقير الحسن بن صلاح محمد الداعي - عفا الله عنه - لمَّا طالَعَ كتبَ التفسير، وحصَّلَ علومَها على اليسير، وتحقَّقَ معنى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(١). فحصَّل من ذلك معرفة الاختلاف في المتشابه، وكيفية الاختلاف فيه، فرأى أن يَجْمَعَ لنفسه تحصيلَه لجملة ما قيل في ذلك، لِيَنْتَفِعَ به في بَقِيَّةِ عمره، وينتفعَ به من أطَلَّ عليه من المسلمين ممن له طَبْعٌ سليم، وذوقٌ قويمٌ، فالله يهدي من يشاء إلى صراطِ مستقيم.
  فأقول: مذهبُ أهل بيت رسول الله ÷ وأتباعهم خلفًا عن سلفٍ أن المُحْكَمَ: ما يحتمل وجهًا واحدًا، كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}(٢) أو قوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(٣) و {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}(٤) وغير ذلك مما لا يخفى من الآيات القرآنية.
  والمتَشَابِهُ: ما يَحْتَمِلُ وجهين أو ثلاثة أو أكثر.
  وعندهم جميعًا أنهم يعلمون تفسيرَ المتشابه كما يعلمون تفسير المحكم، وأَنَّ المحكمَ يُفَسِّرُ المتشابِهَ، والقرآنُ يُفَسِّرُ بعضُه بعضا؛ لمعرفتهم باللغات التي نَزَلَ عليها القرآن، وعَرَفُوا مُرَادَ الملِكِ الديَّان بما أَلْهَمَهُمْ سبحانه وتعالى وعَلَّمَهم، حيث عَلِمَ أنه
(١) سورة آل عمران: ٧.
(٢) سورة الصمد: ١.
(٣) سورة آل عمران: ١٨.
(٤) سورة الصافات: ٣٥. ينظر التهذيب في التفسير ٢/ ١٠٩٩.