الدليل الصغير
  يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ١٩}[العنكبوت]، فابتداؤه جل ثناؤه له فهو ابتداعه وزيادته وإنماؤه، وإعادته فهو إلى ما كان عليه، وهو محقه وتقليله وإفناؤه، وذلك كله فقد يراه ويعاينه ويبصره ويوقنه من كان حياً مبصرا سويا، كما قال لا شريك له، لا يجهله إلا من تجاهله، ولا يخفى إلا على من أغفله ممن لعنه الله وخذله، أو لم تسمع كيف يقول سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٠}[العنكبوت]، وتأويل بدأ فهو كان ونشأ ونما فصار ناميا زائداً، ثم رجع إلى الفناء عائدا، فقل بعد زيادته، وبلي بعد جدته. فمن يعمى بعد عيان هذا عن اليقين بربه إلا من خذله الله فأسلمه إلى عمى قلبه، فكابر عيانه، وأنكر إيقانه، وهو يرى النور لائحا(١)، والبيان ظاهرا واضحا(٢).
  ومن البيان فيما قلنا(٣) من ذلك، ومن الدليل على أنه كذلك قوله سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ٥٤}[الروم]، والضعف والشيب فهو الإفناء والتدمير.
  تم كتاب الدليل الصغير، وصلواته وسلامه على رسوله سيدنا محمد النبي البشير النذير، وعلى أهله المخصوصين بالمودة والتطهير.
  ***
(١) في نخ: لائحاً لا يخفى.
(٢) في نخ: واضحاً لا يطفأ.
(٣) في نخ: ومن بيان ما قلنا.