الدليل الصغير
  ﷽، بالله أستعين وعليه أتوكل(١)
  الحمد لله القديم القائم، الحي الصمد الواحد، الذي لم يزل أولاً بلا توهم غاية ولا انقطاع نهاية، ولا حد يحد ولا أزمنة تعد، حمداً كما هو أهله، أما بعد:
  فإن سأل سائل عن العالم وما فيه من سمواته وأرضه وإنسه وجنه وما فيه من جميع أنواعه مُحدَثٌ هو أو قديم؟ خالق أو مخلوق؟
  فالجواب في ذلك: أنه مخلوق ومحدث ليس بقديم، كان بعد إذ لم يكن، وله محدث قديم واحد ليس كمثله شيء، حي لم يزل ولا مكان ولا زمان ولا حيث ولا أين ولا سماء ولا أرض ولا شيء سواه تعالى عن شبه المخلوقين، المكوِّن لكل تكوين، ثم خلق الأشياء وكونها بعد إذ لم تكن بلا تعب ولا نصب ولا حركة ولا سكون ولا مثال احتذى عليه، ولكنه ابتدعها ابتداعاً، لا من شيء صنع، ولا من حاجةٍ دبر، ولا من وحشة نزلت به قدّر، فهو لا تعتريه الأحوال، ولا تختلف عليه الأزمان، ولا يناله ملالة فيسأم، ولا يخاف فوت شيء فيعجل، ولا يبعد عليه المدى، ولا يحل بذاته الفناء، هو عليم لا يرتاب، حليم لا يجهل، قائم لا يزول، لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو السميع البصير.
  فإن قال قائل: ما دليلك أن العالم محدث ليس بقديم؟
  قيل له: ما رأينا من تصرف أحواله واختلاف أنواعه وزيادته ونقصانه واختلاف ليله ونهاره دليلٌ على أنه محدَث ليس بقديم، وأن له محدِثاً أحدثه وما فيه(٢)، ومصرِّفاً صرفه؛ لما رأينا من حمل قواه وتلطفه(٣) واحتياله(٤) وهي الأشياء تصرف
(١) هذا في النسخة (أ) هو المسمى بالدليل الصغير والكتاب الذي قبله لا يوجد فيها، وكذلك هو موجود في نسختين أيضاً من نسخ مكتبة الجامع الكبير مسجلتين تحت الرقم (٧٠٩ - ٧٧١)، وفي بقية النسخ يوجد الأول. وقد رمزنا لهما أثناء التحقيق هنا برقم (١) للنسخة رقم (٧٠٩) ورقم (٢) للثانية التي برقم (٧٧١).
(٢) «وما فيه» ساقط من نخ (١، ٢).
(٣) في (أ): ولطفه.
(٤) في نخ: واحتماله وهى.