مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الدليل الصغير

صفحة 138 - الجزء 1

  فإن قال: فتزعم أن ربك عالم بأنه موجود حي قادر مريد سميع بصير؟

  قيل له: نعم.

  فإن قال: فكما زعمت بأنه عالم قادر سميع بصير وكذلك تزعم أنه قادر على أن يعلم ويسمع ويبصر.

  قيل له: هذا كلام فاسد لا معنى له؛ لأن العلم والسمع والبصر ليس بفعل فيقال يقدر عليه، وذلك أن القدرة لا تكون إلا على أفعال.

  فإن قال: فكيف زعمت أنه يعلم أنه قادر ولا تقول: يقدر أن يعلم؟

  قيل له: لأن العلم يقع بالفعل وبغير الفعل، والقدرة لا تقع⁣(⁣١) إلا على الفعل، ألا ترى أنني أقول: إني عالم بالله وبفعله، ولا يقال: إنني قادر عليه، تعالى عن ذلك.

  فإن قال: أفتقولون: إنه مريد يعلم أو يقدر أو يسمع أو يبصر؟

  قيل له: إن كل ما سألت عنه محال لا معنى له؛ لأن الإرادة لا تقع إلا على فعل⁣(⁣٢)، والعلم والقدرة ليسا بفعل يريدهما.

  فإن سألك بعض الملحدين أو المستخفين أو الشكاك في دين الله رب العالمين فقال: هل يقدر ربك أن يخلق مثله؟

  فالجواب في ذلك: أن هذا كلام محال لا معنى له؛ لأن قولك: يقدر أن يخلق - أن الذي يخلق خلق، وفي قولك: «مثله» أنه ليس بخلق؛ لأنه قديم، فكأنك قلت: يقدر أن يجعل شيئاً خالقاً مخلوقاً، ومحدثاً قديماً؛ لأن في قولك: مثله أنه قديم، وقولك: يخلق أنه محدث، فهذا محال، مع أنه إذا فعل بجعله محدثاً قديماً فقد جعله مخالفاً له وليس هو له بمثل؛ لأنه قديم ليس بمحدث.

  وكذلك إن قال: يقدر أن يخلق نفسه كان ذلك محالاً؛ من قبل أنه موجود،


(١) في (أ): توقع.

(٢) في نخ (١، ٢): إلا على أي فعال.