الدليل الصغير
  قيل له: لأنه لم يكن في كل مكان محدوداً؛ لأن معنى الشيء المحدود أنه في موضع دون آخر، ألا ترى أنك تقول: دار فلان يحدها كذا وكذا لأنها ليست شاملة لما بينها، فلو كان تعالى في مكان دون مكان كان(١) محدوداً والمحدود يدل على الحدث والصنعة، فعلمنا بذلك أنه ليس في مكان دون مكان.
  فإن قال: فإذا زعمت أنه في كل مكان فتقول(٢): إنه في هذا البيت، أو تقول(٣): إنه في كل(٤) مكان؟ أيجوز هذا الكلام؟
  قيل له: لا يقال(٥) ذلك؛ لأنه يوهم أنه في هذا البيت دون ما سواه، ولكن يقال: إنه في كل مكان ولا يقال: إنه في كذا وكذا مما لا يجوز ذكر ذلك؛ لأنك تقلب المعنى وتزيله عن جهته.
  وإن قال: إن أثبت(٦) أنه في كذا وكذا وقد زعمت أنه في كل مكان؟
  قيل له: لأن(٧) من الأشياء ما يحسن إطلاقها في الجملة ولا يحسن(٨) إطلاقها في التفسير، من ذلك ما نقول: ما دون الله لله، ولا يجوز أن يقال(٩): «الولد لله» وإن كان دون الله، [ولا الصاحبة لله ولا اللعنة لله ولا الخزي لله وإن كان كل ذلك دون الله](١٠) فيقبح بهذا الوجه ويحسن إطلاق ذلك في الجملة، فيقال: ما
(١) «كان» ساقطة من (أ، ٢).
(٢) في (أ): أفتقولون.
(٣) في (أ): تقولون.
(٤) «كل» ساقط من (أ)، والعبارة فيها هكذا: إنه في مكان أو يجوز ... إلخ.
(٥) في (١، ٢): نقول.
(٦) كذا في المخطوطات، ولعلها: لم نفيت أنه في كذا وكذا ... إلخ.
(٧) في (أ): إن.
(٨) في نخ (١، ٢) بدل «ولا يحسن»: ويقبح.
(٩) في (١): نقول.
(١٠) غير موجود في نخ (٢)، وفي (١): ولا الصاحبة لله وإن كان دون الله.