الدليل الصغير
  تعالى؛ لأنه موجود بكل مكان مدبر وموجود على ما لم يزل ولا مكان، ألا ترى أنه لو أحدث مثل العالم أو أمثاله(١) كان فيه موجوداً مدبراً، فلذلك قلنا: إنه موجود في الأمكان وموجود على ما لم يزل، ولو كان في الأماكن كان لو أحدث مثل هذا العالم ومثل هذه الأماكن كان عنها غائباً، فلما قلنا: إنه تعالى لو(٢) أحدث مثل هذه الأماكن كان عنها غير غائب وكان بها موجوداً علمنا أنه لا غاية له ولا نهاية له(٣).
  فإن قال: فأخبرني عن هذه الأشياء التي أحدثها الله أحدثها في نفسه أم في غيره؟
  قيل له: إن الله تعالى لا تحل فيه الأفعال ولا يشغله شأن عن شأن(٤)، وذلك على ما زعمت(٥) صفة الإنسان وما أشبهه من الحيوان، وربنا إذا أراد شيئاً كان بلا معاناة ولا اشتغال، وليس بجسم فتحل فيه(٦) الأفعال؛ لأن الحلول إنما يكون في الأجسام.
  فإن قال: فخلق الأشياء(٧) من شيء أو من لا شيء؟
  قيل له: أما أول الأشياء فخلقت من لا شيء، وأما ما أحدث(٨) بعد حدوث أوائل الأشياء فمنها ما أحدث لا من شيء ومنها ما أحدث من شيء [كالإفراز
(١) في (أ): وأمثاله.
(٢) في (أ، ٢): فلما قلنا تعالى إنه لو.
(٣) «له» ساقط من (١، ٢).
(٤) في نخ (١): حال عن حال.
(٥) «على ما زعمت» ساقط من النسختين (١، ٢).
(٦) في (٢): به.
(٧) في نخ (٢): الإنسان.
(٨) في نخ (١، ٢): حدث.