الرد على من قال إن لله نفسا كنفس الإنسان
  {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}[المدثر]، أي: كل إنسان بما كسب رهين، وقال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٦]، يعني: أن يقول الإنسان وقال: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥]، يريد: الإنسان، وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[الأنبياء: ١٨٥]، يعني: أن كل إنسان ميت.
  والعرب قد تقول للشيء الذي لا روح له بنفسه، وكذلك يقولون للشيء الذي لا روح له ولا شخص: هذا نفس كلامك، وهذا النور بنفسه.
  وقال الشاعر:
  قالت له النفس إني لا أرى طمعاً ... وإن مولاك لم يسلم ولم يصد
  وقال آخر:
  وهل نحن إلا أنفس مستعارة ... تمر بها الروحات والغدوات
  يعني: هل نحن إلا أناسي مستعارون، ولو أراد بذكر النفس معنى الروح لما أجاز أن يسمي كله نفساً، لأنه بدن ونفس، وقال آخر:
  وقد وَفَدَتْ إليك بذات نفسي ... قصائدُ يعترفن بما نشاء
  يعني بقوله: بذات نفسي، أي: بي كما أنا. كما قيل في اللغة: جئتك بنفسي، ولم يريدوا بقولهم معنىً ثانياً هو غير جئتك، لأنه إذا قال: جئتك دل على الجائي تاماً، ولما قال: بنفسي لم يرد معنى ثانياً هو غير المعنى الذي هو جئتك، وقال آخر:
  ........................... ... وما لام نفسي مثلها لي لائم
  وقال الله ø: {قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[آل عمران: ٦١]، يعني: نحن وأنتم، وقال الله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران: ٢٨]، فالمحذر: هو المحذَّر منه، يعني يحذركم الله أي: يعذبكم، كما قال: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ١٢]، وليس الكاتب غير المكتوب عليه.