مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على من قال إن لله نفسا كنفس الإنسان

صفحة 159 - الجزء 1

  {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}⁣[المدثر]، أي: كل إنسان بما كسب رهين، وقال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}⁣[الزمر: ٥٦]، يعني: أن يقول الإنسان وقال: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، يريد: الإنسان، وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}⁣[الأنبياء: ١٨٥]، يعني: أن كل إنسان ميت.

  والعرب قد تقول للشيء الذي لا روح له بنفسه، وكذلك يقولون للشيء الذي لا روح له ولا شخص: هذا نفس كلامك، وهذا النور بنفسه.

  وقال الشاعر:

  قالت له النفس إني لا أرى طمعاً ... وإن مولاك لم يسلم ولم يصد

  وقال آخر:

  وهل نحن إلا أنفس مستعارة ... تمر بها الروحات والغدوات

  يعني: هل نحن إلا أناسي مستعارون، ولو أراد بذكر النفس معنى الروح لما أجاز أن يسمي كله نفساً، لأنه بدن ونفس، وقال آخر:

  وقد وَفَدَتْ إليك بذات نفسي ... قصائدُ يعترفن بما نشاء

  يعني بقوله: بذات نفسي، أي: بي كما أنا. كما قيل في اللغة: جئتك بنفسي، ولم يريدوا بقولهم معنىً ثانياً هو غير جئتك، لأنه إذا قال: جئتك دل على الجائي تاماً، ولما قال: بنفسي لم يرد معنى ثانياً هو غير المعنى الذي هو جئتك، وقال آخر:

  ........................... ... وما لام نفسي مثلها لي لائم

  وقال الله ø: {قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}⁣[آل عمران: ٦١]، يعني: نحن وأنتم، وقال الله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}⁣[آل عمران: ٢٨]، فالمحذر: هو المحذَّر منه، يعني يحذركم الله أي: يعذبكم، كما قال: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}⁣[الأنعام: ١٢]، وليس الكاتب غير المكتوب عليه.