الرد على من أنكر من الجهمية أن يكون الله سبحانه شيئا
  مخلوق كذب، ولو قال القائل: الخالق شيء لم يكذب، والخالق هو خلاف المخلوق، ولا يوجد لشيء خلاف إلا شيء مثله موجود، ولا شيء(١) إلا موجود، ولا موجود لا يكون لا خلاف ولا يكون خلافاً.
  فإن قال قائل: إن لا شيء خلاف شيء.
  قيل له: قد أنبأناك أن الشيء خلاف شيء، ولا يكون شيء خلاف لا شيء، ولا يكون لا شيء له خلاف، ولا يجوز أن يقال: للا شيء اتفاق ولا اختلاف؛ لأن هذا عدم لا يتوهم.
  فإن قالوا: لم أجزت أن تقول: شيء وشيء وهما لا يشتبهان؟
  قيل: من قبل أني ثبتهما ونفيت عنهما العدم، وأخرجتهما من التعطيل.
  فإن قال: لم قلت: لا شيء.
  قلت: لنفيي لإثباته، وقلت: لا شيء لإخراجه من الوجود، وليس قولي: هذا شيء ولا شيء تشبيه ولا غير تشبيه، وقول القائل: هذا شيء وهذا شيء لا يجب به تشبيه؛ لأن التشبيه لا يجوز إلا على ضد أو مثل.
  واعلم أن الضد هو غير الخلاف، وبيان ذلك أن كلَّ ضدٍ خلاف، وليس كلُّ خلافٍ ضداً، والضد هو المضاد، والخلاف هو الغير الذي ليس بمضاد، وذلك لأنك تقول: هذا خلاف الله، ولا تقول: هذا ضد الله.
  فإن قال قائل: ما بالك إذا قلت: لا شيء لا يقع اتفاق ولا اختلاف؟
  قيل له: من قبل أن لا شيء عدم العدم(٢) ليس بموجود، ولا هو موهوم ما هو فيكون له شبيه، والشيء إثبات ووجود وموهوم إذا قلت: شيء ما هو وأي الأشياء هو؟ إلا رب العالمين، فإنه شيء خالق الأشياء وليس كالأشياء. وإنما قلت: إنه هو شيء لأثبته موجوداً، وقولي: شيء ليس فيه تشبيه، لأني إنما أشيئه
(١) في (أ): فلا.
(٢) في المطبوع: والعدم.