الرد على من أنكر من الجهمية أن يكون الله سبحانه شيئا
  بقولي: شيء، وقد يشتبه قول شيء وشيء ولا يشتبه المسمى، إلا إن أوقع عليه من أي الأشياء هو وما هو ومم هو؟ فحينئذ يشتبه المسميان، فأما شيء وشيء فليس فيه اشتباه المعاني وإن استوى قول شيء وشيء.
  وقد يقال: الخنزير شيء، والكلب شيء، والإنسان شيء، وليس هذا الاسم الذي هو إثبات لشيء مبهم مدحاً ولا تهجيناً إذا كانت التسمية مبهمة مفردة في الذكر؛ ولذلك لم يقع به تشبيه إذا قلنا: إن الله شيء والإنسان شيء.
  فإن قال: فإذا سميت الله شيئاً فقد سميته بما لا مدحة له فيه.
  قلت: إني إذا سميته شيئاً ذكرته سبحانه بكلام آخر أَصِلُه به فيكون مديحاً، كقولنا: الله شيء واحد كريم، والله شيء واحد عزيز، والله شيء ليس كالأشياء، فيكون ذلك مدحة، ولا يذكر العبد التقي ربه إلا وهو فيما ذكر من أسمائه مادح، فإذا سمى اللهَ العبدُ بأنه شيء لم يفرده حتى يقول: الله شيء لا كالأشياء، فيكون الكلام كله مقروناً بكلام آخر على ما ذكرنا كان كله مديحاً، وقول القائل للشيء: هذا شيء كلام مرسل غير مقرون بما يتجلى به المعنى، فليس بذم ولا مدح، كقولك: عرفت شيئاً، ولا يكون المعروف عندك مذموماً ولا ممدوحاً حتى تقرنه بكلام آخر، فتقول: عرفت شيئاً هو صالح، أو عرفت شيئاً هو فاسد، فيكون هنالك الذم والمدح، فلا يدرك بقولك: هذا شيء وهذا شيء ائتلاف ولا اختلاف، فلا ترسل القول على الله بأنه شيء إلا مقروناً بكلام آخر، فتقول: هو شيء ليس كالأشياء، فيكون قولك: هو شيء بالصلة المقرونة مديحاً، وكذلك يقول القائل: هذا الثوب شيء فلا يكون مادحاً حتى يقول: هذا الثوب شيء حسن أفضل من غيره، فيكون بما أجرى به الثوب مديحاً، وإذا كان مرسلاً لم يكن له مدحاً ولا ذماً.