مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على من زعم أن الله تدركه الأبصار وتحيط به الأعين تعالى عن ذلك

صفحة 185 - الجزء 1

  حجة لم يصح لهم دعوى ولا لنا؛ لأنهم رووا خلاف ما روينا وروينا خلاف ما رووا، ولا بد أن يكون أحدنا محقاً والآخر مبطلاً، وفي إبطال قول أحدنا إبطال أحد الأثرين، وفي إبطال أحد الأثرين إخراج الأثر الشاذ من الحجة؛ لأن الشاذ من الأثر لا يكون مثل كتاب الله ولا سنة رسول الله ÷، مع ما يدخل عليهم من التناقض في إثبات اللون لمعبودهم، من وجه ما ذكرنا إيجاد⁣(⁣١) العجز عليه وإلزام النصب؛ لأن لون الحدقة غير لون اللسان، ولون اللسان غير لون الوجه، وفي الغير وجوب الاثنين فصاعداً، لأن اللسان غير العين، والعين مخالفة للسان، وكذلك كل جزء غير ما يليه، وهو مقصر عن صفة غيره.

  فإن قالوا: ليس لوناً.

  قيل لهم: فكيف ترى العيون ما ليس يكون لوناً، والعيون لا ترى في العقول إلا ملوناً؟!

  وإن لجأوا إلى أن يقولوا: إن الله يعطيهم حاسة سادسة في القيامة بها يدركون ربهم إدراك الجهر، يسألون عن الذي يدركون ربهم به: أليس قد نال ثواباً لم ينل الجزء الذي كان في الدنيا لربه ناصباً عاملاً؟! فيكون الثواب لمن لم يطع، ولا ثواب لمن أطاع⁣(⁣٢).

  ويقال لهم: كيف يسمى المطيع مدركاً وليس هو المعاين، وإنما المعاين هو السادس المحدث لهم في الآخرة؟

  ويسألون هل يجوز أن يعطوا سابعاً يدركون به لمسه أو ذوقه أو شمه كما جوزتم السادسة التي بها تكون الرؤية؟ ليكون ذلك أتم لنعيمهم إذا لمسوا ما عاينوا وصافحوه وذاقوه وشموه؟! فإن جوزوا ذلك جعلوه منفصلاً بائنا بعيداً مبعضاً، وفي الانفصال والبينونة والبعد والبعض وجود العجز والنقص،


(١) في المطبوع: من إيجاد. وفي مخطوطتين: إيجاب.

(٢) في نخ: إلا لمن أطاع.