[ما اعتل به المشبهة والجواب عليهم]
  كان، وقال تبارك وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ٧١}[يس]، يقول: مما عملت أنا بنفسي.
  وقال جل ثناؤه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة: ٦٤]، وتأويل ذلك عند أهل العلم: بل نعمتاه مبسوطتان على خلقه، نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.
  وقيل أيضاً في تأويله: بل رزقاه مبسوطان على خلقه، رزق موسع، ورزق مضيق، {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}، أي: يفعل من ذلك ما هو أصلح لعباده. كذلك قال جل ثناؤه: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[الملك: ١]، يعني: له الملك، وكذلك تقول العرب: الملك بيد فلان، وقد قبض فلان الملك والأرض، وذلك في قبضته ويمينه، يعنون: في قدرته وملكه، كذلك السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما في قبضة الله وبيمينه، يعني: في قدرته وملكوته وسلطانه اليوم ويوم القيامة وفي كل وقت، كما قال جل ثناؤه: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ١٩}[الانفطار]، والأمر يومئذٍ واليوم لله. وقال الله تبارك وتعالى لمن عصاه وهو يساق إلى النار: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ}[الحج: ١٠]، و {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}(١) [الروم: ٤١]، يريد: بما كسبتَ أنت بقولك وفعلك، ليس يعني: يده دون بدنه وجوارحه.
  وقال جل ثناؤه لنبيه ~ وعلى أهله: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ}[الأحزاب: ٥٢]، يعني ما ملكت أنت، وقال تبارك وتعالى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤]، يعني: ما ملكتم أنتم، وتقول العرب: أسلم فلان على يد فلان، يريدون: بقوله وأمره، ويقولون: بيد الله أمرنا والفناء، يريدون: بالله عمرنا والفناء، ويقولون: نواصينا بيد الله، ونحن في قبضة الله، يريدون بهذا كله: أنا في قدرته وملكه، ليس يذهبون إلى يد كيد الإنسان أو غيره من الخلق.
(١) في المخطوط: وبما كسبت يداك. ولا يوجد آية بهذا اللفظ.