مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوبة من ترك الصلاة وسائر العبادات]

صفحة 230 - الجزء 1

  وإن كان ضيع زكاة حتى أدركه الموت فليتب مما ضيَّع وليخرج ما عليه منها، فيؤديه إلى المساكين إن كان له مال، أو يوصي بذلك إن لم يمكنه الأداء؛ لأنها دَين عليه لأهلها الذي سماهم الله جل ثناؤه، في أيِّ صنف منهم وضعت أجزت عنه، وإن لم يكن له مال ومات فلا شيء عليه بعد أن يتوب.

  وإن كان ترك الحج وهو يقدر عليه حتى أدركه الموت فليتب إلى الله جل ثناؤه من تفريطه وليعزم على الحج، وليحج إن قدر عليه، وإن أوصى⁣(⁣١) أن يحج عنه فقد قال بعض العلماء ذلك، وقال بعضهم: لا يحج أحد عن أحد كما لا يُصلى عن أحد ولا يصام عن أحد؛ لأن تلك حقوق الله جل ثناؤه أمر عباده أن يتولوها بأنفسهم، فإن لم يقدروا عليها عذرهم ولم يكلفهم غيرها.

  وأما ما كان من حقوق الناس فيما بينهم في أبدانهم وأموالهم فعليهم أن يخرج بعضهم إلى بعض منها، ويعطى عنه إذا قدروا عليها.

  وإن أوصى أن يحج عنه فحسن عندنا، وهو أحوط.

  وعلى المرتدين عن الإسلام إذا أتوا⁣(⁣٢) ما ذكرنا من الظلم للناس في أبدانهم وأموالهم ومن الذنوب⁣(⁣٣) قبل ارتدادهم وفي ارتدادهم ثم أسلموا - أن يتوبوا إلى الله جل ثناؤه من ذلك كله ويؤدوا الحقوق إلى أهلها كما يفعل المقرون؛ لأن حكمهم في ذلك غير أحكام أهل الحرب؛ لأنه لا قصاص بين أهل الإسلام وأهل الحرب.

  وعلى العبد مما وصفنا من هذه الذنوب التوبةُ النصوح، وقد جعل الله جل ثناؤه لهم إليها السبيل.


(١) في المطبوع: وإن لم أوصى.

(٢) في المخطوطات: تابوا. ولعل ما أثبتناه الصواب.

(٣) في المطبوع: الديون.