مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوبة من ترك الصلاة وسائر العبادات]

صفحة 231 - الجزء 1

  والتوبة النصوح هي الندم على ما كان من الذنوب وتركها، والاستغفار منها، وترك الإصرار عليها، والعزم على أن لا يعود أبداً إليها، فتلك التوبة المقبولة، يقبلها التواب الرحيم.

  فرحم اللهُ عبداً اتقى الله في نفسه، وتطهَّر بالتوبة قبل الموت والفوت، ولم تغره الحياة الدنيا، ولم يغره بالله الغرور.

  وليبادر بالتوبة قبل أن يسألها فلا يجاب إليها، قال جل ثناؤه: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٨}⁣[النساء].

  والتوبة قائمة مبذولة مقبولة من حيث يواقع العبد الذنب إلى قبل حضور أجله بطرفة عين أو أقل عندنا.

  وحضور الموت هو معاينة ملك الموت والملائكة À، أو لسبب من أعلام ............ (⁣١) الذي شاهده العبد في تلك الحالات، ولا يعلمه أحد من البشر غيره، أو ذهاب عقله، فحينئذٍ لا تقبل توبته، ولا عند نزول العذاب إذا نزل بأهل المعاصي، ولا عند الحواجب من آيات الله المانعة من الرجوع إلى أحكام الدنيا، والله جل ثناؤه بهذا كله وأوقاته أعلم وأحكم، تبارك وتعالى.

  وعلى العبد أن يكون أبداً مستعداً تائباً.

  نسأل الله أن يبارك لنا ولكم في الموت إذا نزل بنا، وفي العرض على ربنا جل ثناؤه، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ


(١) بياض في المخطوطات.