مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

أصول العدل والتوحيد

صفحة 234 - الجزء 1

  

  اعلم يا أخي - علمك الله الخير والهدى، وجنبك جميع المكاره والردى - أن الله خلق جميع عباده العقلاء المكلفين لعبادته، كما قال ø: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧}⁣[الذاريات].

  والعبادة تنقسم على ثلاثة أوجه⁣(⁣١): أولها: معرفة الله، والثاني: معرفة ما يرضيه وما يسخطه. والثالث⁣(⁣٢): اتباع ما يرضيه واجتناب ما يسخطه.

  وهذه الوجوه الثلاثة فهي كمال العبادة، وجميع العبادات غير خارجة منها، فمعرفة الله ø عبادة كاملة لمن ضاق عليه الوقت، وهي منفصلة⁣(⁣٣) من العبادة الثانية لمن تراخت به الأيام إلى وصول التعبد، وهو الأمر والنهي الذي فيه رضا المعبود وسخطه، ثم العمل بما يرضيه واجتناب ما يسخطه عبادة ثالثة منفصلة⁣(⁣٤) من الوجهين الأولين لمن تراخى به الوقت إلى استماع كيفية العبادة على لسان الرسول الذي جاءت الشريعة على يديه. فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد، وهي: العقل، والكتاب، والرسول، فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد، وجاء الرسول بمعرفة العبادة.

  والعقل أصل الحجتين الآخرتين؛ لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما، فافهم ذلك.

  ثم الإجماع من بعد ذلك حجة رابعة مشتملة على جميع الحجج الثلاث


(١) في نخ: وجوه.

(٢) في نخ: والوجه الثالث.

(٣) متصلة (نخ).

(٤) متصلة (نخ).