[أدلة أخرى على وجوب الإمامة]
  في حده، من جمة أغوار العلم، ومعرفة أديان الأمم، وفصل بيان اللسان، ومعرفة أسرار القرآن، وهذه خاصة من حالاته إحدى أعلام الإمام بعده ودلالاته، التي لا توجد وإن جهد ملتمسها، ولا يقتبس إلا من إمام مُقْتَبَسُها، فجعل الله جل ثناؤه وتباركت بقدسه أسماؤه ما قدمنا ذكره، وأثبتنا في الحجة أمره، من خاص دلائل الأوصياء - كرامةً خصهم بها بعد الأنبياء، وأبانهم بها من الأئمة، واحتج بها لهم على الأمة.
  ثم أبان الأئمة من بعدهم، ودل الأمة فيهم على رشدهم بدليلَيْنِ مبينَيْنِ، وعلَمَينِ مضيئين، لا يحتملان لبس تغليط، ولا زيغ شبهة تخليط، لا يطيق خلقهما متقن، ولا يحسن تخلقهما محسن، وليُّ ذلك منهما وفيهما، ومُظهِرُ دلالة صنعه عليهما، اللهُ رب العالمين، وخالق جميع المحدثين، وهما ما لا يدفعه عن الله دافع، ولا ينتحل صنعه مع الله صانع، من القرابة بالرسول ÷، وما جعل من احتمال كمال الحكمة فيمن الإمامة فيه.
  وحد الحكمة وحقيقة تأويلها درك حقائق الأحكام كلها.
  فاسمع لقول الله جل ثناؤه، وتباركت بقدسه أسماؤه، فيما ذكرنا من مكان قرابة المرسلين، وما جعل من وراثة النبوة في أبناء النبيئين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}[الحديد].
  وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٣ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٣٤}[آل عمران].
  وقال سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ١٦}[الجاثية].
  وقال: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٢}[الدخان].
  وقال موسى ~ لبني إسرائيل: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ