مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الإمامة

صفحة 298 - الجزء 1

  دعوته إليه إلى الإسلام، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أهل بيتي، يقضي ديني وينجز موعودي؟

  فأجابه علي من بينهم وكان أصغرهم سناً، فضمه إليه ودعا له، فتفل في فيه، فقال أبو لهب: لبئس ما حبوت به ابن عمك حيث أجابك إلى ما دعوته، فملأت فمه بزاقاً، فقال: بل ملأته فهماً وعلماً.

  ثم أورث الله تبارك وتعالى الكتاب أهل بيت الصفوة والطهارة فقال: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}⁣[فاطر]، فلم يفرق الله بين الكتاب والحكم والنبوة فيما قص من خبر بني إسرائيل، فقال لمحمد #: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[النساء: ٥٤]، فكان علي # أول من سبق إلى الإسلام من أهل بيت الطهارة والصفوة، لا ينازعه في ذلك أحد من بني عبد المطلب، ولا يستحقه دونه أحد، ثم دعا رسول الله # عند حضور وفاته - وبنو عبد المطلب والمهاجرون والأنصار يومئذٍ عنده - فدعا بسيفه ودرعه وسلاحه ودابته وجميع ما كان له، حتى تفقد عصابة كان يعصب بها على بيضة الدرع، ثم دفع ذلك إليه ª، وبنو عبد المطلب شهود والمهاجرون والأنصار.

  ثم استخلفه بمكة حيث عزمت قريش على أن تُبَيِّتَ رسول الله ÷ ليقتلوه أو يخرجوه، فاضطجع على فراشه، فوقاه بادِرَةَ الحتوف بنفسه، وكان يأتيه بالطعام ليلاً، وأمره يؤدي الأمانات التي كانت على يده، وأن يخرج إليه أهله، فنفد أمره، ومشى مع أهله حتى تفطرت قدماه دماً.

  وخرج إلى تبوك واستخلفه وأعلمه أنه لا يصلح لخلافته إلا هو، وقال له: «يا علي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي