الإمامة
  وإن قالوا: لم يكن وقوفهم تلك الثلاثة الأيام لشكٍ منهم في قول رسول الله ÷، ولكنهم وقفوا ليجتمع الناس مَن غابَ وحضر.
  قيل لهم: أو كذلك فرض الإمامة، الوقوف والتشاور بعد الاسم والنص؟!
  فإن قالوا: نعم، قيل لهم: فهل يجوز لهم أن يحولوا هذه الفريضة عن جهتها؟
  فإن قالوا: لا يجوز لهم. قيل لهم: فهل أدَّى أبو بكرٍ هذه الفريضة كما أمر الله؟
  فإن قالوا: نعم، قد سمى لنا عمر ونصبه بعينه، كما فعل رسول الله ÷ قيل لهم: فما بالكم لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر بعد النبي #؟!
  فإن قالوا: لأن ذلك جائز لنا قيل لهم: فقد نقضتم قولكم: لا تُغيَّر الفريضة، وهذا نقض الفريضة التي فرض الله ورسوله لكم في أبي بكر؛ إذ لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر، ولم تشاوروا في قول أبي بكرٍ كما تشاورتم في قول النبي ÷.
  فإن قالوا: لأن المشورة إليهم قيل لهم: فإيهما أوثق في قوله، النبي ÷ أم أبو بكر؟!
  فإن قالوا: أبو بكر كفروا، وإن قالوا: النبي ÷ أوثق قيل لهم: ما أبين نفاقكم، إنكم تقولون: النبي أوثق وأنتم تشاورون بعده، وأبو بكر عندكم ليس بأوثق من النبي ÷ وأنتم لا تحتاجون بعد قوله إلى المشورة، فقد لزمكم أن أبا بكر عندكم أوثق من النبي ÷؛ لأن أوثق الأوثاق الذي لا تشاوُرَ في قوله، وهذا التناقض من الكلام غير معقول ممن قاله ولا مقبول.
  ويُسألون أيضاً: هل كل لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة كما أدى رسول الله ÷ في أبي بكر، وكما أدى أبو بكرٍ في عمر؟
  فإن قالوا: لا، صيَّروا لعمر ديناً على حدة، وإن قالوا: لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة على مثل ما أمر به رسول الله ÷ قيل لهم: فلِمَ جعلها عمر شورى بين ستة وإنما كان فعل النبي ÷ في أبي بكر كما زعمتم أنه سماه