الإمامة
  باسمه ونصبه بعينه؟! وكذلك فِعلُ أبي بكر في عمر كما زعمتم.
  فإن قالوا: لأن الخلاف في هذه الفريضة جائز قيل لهم: فقد نقضتم قولكم، حيث زعمتم أن فرائض الله لا يجوز تحويلها عن جهاتها، ونحن نراكم تقولون في أوكد الفرائض: إنه يجوز أن يُخَالف فيها الله ورسوله.
  ويسألون: ما تقولون، هل جعل رسول الله ÷ في الإمامة شورى بين ستة؟
  فإن قالوا: نعم، كذَّبَتهم الأمةُ، وإن قالوا: لم يجعل فيها شورى قيل لهم: فهل جعلها عمر شورى بين ستة؟
  فإن قالوا: لا، قيل لهم: فقد خالف عمر النبي ÷؛ لأن النبي جعلها شورى ولم يجعلها عمر شورى، وتكذبهم الأمةُ أيضاً أن عمر لم يجعلها شورى، وكفى بتكذيب الأمة حجة عليهم.
  وإن قالوا: نعم قد جعلها عمر شورى بين ستةٍ قيل لهم: فمن كان أوثق في فعله النبي ÷ أم عمر؟!
  فإن قالوا: النبي ÷ أوثق في فعله. قيل لهم: فلِمَ خالف عمر الفرض في الإمامة أن يتبعوا فعل النبي ÷؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، فإن قالوا: كلٌّ صوابٌ وتوفيق، شبَّهوا فعل عمر بفعل النبي ÷، وأعطوه من التوفيق مثل ما أعطوا رسول الله ÷؛ لأنه خالف رسول الله ÷ في فريضة الإمامة، وكان خلافه فيما أمر الله به صواباً وتوفيقاً.
  ويقال لهم: أخبرونا لو أنَّ عمر عمد إلى صلاة الظهر فجعلها خمساً كان ذلك جائزاً؟
  فإن قالوا: لا قيل لهم: ولِمَ؟
  فإن قالوا: لأن الفرائض لا تُغيَّر، ولا يجوز أن يُصيَّرَ ما جعل الله أربعاً خمساً.