مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الإمامة

صفحة 313 - الجزء 1

  فإن قالوا: لا يجوز تحويل السنة إلا في الإمامة، سئلوا الدليل على ذلك؟ ولا يجدون إلى ذلك سبيلاً، ويلزمهم من ذلك مثل ما لزمت الحجة في مسألة الفريضة.

  وإن قالوا: إن الإمامة تطوع لزمهم أن سننَ الله وفرائضه لا تقوم إلا بالتطوع، وهذا ما لا نحب لأحد أن يقوله.

  ويسأل الذين يزعمون أن الإمامة لا تكون إلا بالشورى من جميع المسلمين يقال لهم: أخبرونا عن الشورى في الأمة جميعاً، أم في كل جنس، أم في الفاضل، أم لا تكون إلا في جنس واحد؟

  فإن قالوا: لا تكون إلا في جنس واحد نقضوا قولهم: إن الشورى لا تكون إلا بالمسلمين جميعاً.

  وإن قالوا: لا تكون إلا من الأجناس جميعاً قيل لهم: فما بال أصحاب النبي ÷ لم يدخلوا معهم في الشورى غيرهم؟ وما بال عمر لم يجعلها في الأجناس جميعاً؟ وما باله لم يجعلها شورى بين المسلمين كلهم؟ وهذا متناقض لا يستقيم، فأي ذلك قال انكسر عليه حتى يرجع إلى أهل الحق⁣(⁣١).

  واعلم أن أَفْرضَ الفرائض وآكدها فرضُ الإمامة؛ لأن جميع الفرائض لا تقوم إلا بها، ولا يجوز تبديل فريضة الإمامة بوجهٍ من الوجوه؛ لأن فيها من الإفساد ما ليس في غيرها.

  وإن سألوا فقالوا: ما تقولون في الإمامة فريضةٌ هي أم سنة أم تطوع؟

  قيل لهم: بل أَفْرضُ الفرض⁣(⁣٢)، وآكده في الفرض.

  فإن قالوا: هل يجوز أن يخالف في هذه الفريضة بوجه من الوجوه؟

  قيل لهم: لا؛ لأنه لو جاز أن تخالف فريضة لجاز أن تخالف الفرائض كلها؟


(١) في (أ): إلى قول أهل الحق.

(٢) في نسخة: الفرائض.