مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[تأكيد الله لأمر المهاجرة وتشديده لفريضته فيها]

صفحة 380 - الجزء 1

  القديم هو الذي لم يكوَّن ولم يزل وجوده، وإذا لم يزل وجود هذه الأحوال كان على ما ذكرت وقلت من كونه ترابا مضغة لحما عظما إنساناً في حالة واحدة؛ إذ الأحوال لم يسبق بعضها بعضا، لأنها⁣(⁣١) قديمة، ولأن كل واحد منها⁣(⁣٢) في باب القدم سواء. فإذا استحال وجود هذه الأحوال معا في حين واحد في حالة واحدة، وثبت⁣(⁣٣) أن الترابية سابقة للنطفية، والنطفية سابقة للحال التي بعدها - صح الحدث، وانتفى عنها القدم، وإذا صح الحدث فقد قلنا بديا: إن المحدث متعلق في العقل بمحدثه.

  قال الملحد: وما أنكرت أن تكون الأحوال حديثة، وأن العين - التي هي الجسم - قديمة؟

  قال القاسم #: أنكرت ذلك من حيث لم أره منفكا عن هذه الأحوال بتة، ولا جاز أن ينفك⁣(⁣٤) [فلما لم أره منفكا من هذه الأحوال ولا جاز أن ينفك]⁣(⁣٥) كان حكم العين كحكم الأحوال في الحدوث.

  قال الملحد: ولم؟

  قال القاسم #: من قبل أنها - أعني العين - إذا كانت قديمة وكانت الأحوال محدثة فهي لم تزل تحدث فيها الأحوال، وإذا قلت: لم تزل تحدث فيها ناقضت، لأن قولك: لم تزل خلاف قولك: تحدث. والكلام إذا اجتمع فيه إثبات شيء ونفيه في حال واحد استحلال. وذلك أنها إذا لم تزل تحدث فيها فقد


(١) في (أ، ب): ولأنها.

(٢) في (أ): ولأن كلها في باب القدم سواء.

(٣) في (أ): وصح أن.

(٤) ولا جاز أن ينفك ساقط من (ب).

(٥) في (أ): بدل ما بين المعقوفين: فلما لم يجز ذلك.