السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #
  
  الحمد لله وبه نستعين، وصلواته على خير خلقه أجمعين، سيدنا محمد وأهل بيته الطاهرين، وسلم تسليما.
  قال الحسين بن القاسم بن إبراهيم: سألت أبي يوماً رحمة الله عليه، عما يقال للزنادقة والملحدين فيما يسألون عنه من الدليل على الله رب العالمين، تقدست أسماؤه وجل ثناؤه؟
  فقال: سألت يا بُنيَّ عن أكرم مسائل السائلين، وعما بجهله هلك أكثر قدماء الأولين، فتخبط فيه منهم عمايةً من تخبط، وأفرط بجهله فيه منهم من أفرط، بغير ما حجة ولا برهان لمنكرهم في إنكاره، ولا عدم دليل مبين فيما هلك به من اختياره، إلا ما اتبعوا من مضل أهواء الأنفس وضلوا به لتقليد أسلافهم من غواة الجن والإنس.
  وحجج الله عليهم تبارك وتعالى في العلم به قائمة ظاهرة، وشواهد معرفته سبحانه لكل من خالفها بإنكار أو احتيار غالبة قاهرة، فالحمد لله ذي الغلبة والسلطان القاهر، ولمعرفته والعلم به الحجة والبرهان الزاهر.
  فدليل العلم بالله يا بني وعِصَم أسبابه، وأقرب ما جعل للعلم به من مداخل أبوابه ما أظهر في الأشياء سبحانه من آثار الحكمة المتقنة التي لا تكون إلا من مؤثر متقن، وأبان في الأشياء من شواهد التدبير الحسنة المحكمة التي لا تكون إلا من حكيم محسن، كما قال سبحانه: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ٦ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ٧ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٨ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩}[السجدة]، فكل ما ذكر سبحانه فجعائل لا بد لها من جاعل، وفعائل لا تقوم أبداً إلا بفاعل، ولن يوجد جاعلها وفاعلها إلا الله سبحانه ذو الأسماء الحسنى، البريء من مشابهة الجعائل