مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 45 - الجزء 1

  والفعائل في كل معنى.

  ومن أسباب العلم به ودلائله، بعد الذي أبان من أثر التدبير في جعائله، أوثق وثائق الأسباب، مما فطر عليه بنية الألباب من العلم البت واليقين المثبت الذي لا يعتري فيه - بحقيقة - شك ولا مرية، ولا تعترض فيما جعل من بصائره شبهة معشية من أن لكل ما أحس أو عقل مما أثّر سبحانه وجعل خلافاً متيقناً معلوماً لا تدركه الحواس ولا الوهوم، يُعْقَل ويُعْرَفُ بخلاف ما عقلت به الأشياء وعرفت، فتخالفه ويخالفها بغير ما به في نفسها اختلفت، فهذان أصلان مجملان، لمعرفة الله ø ثابتان، وشاهدان عدلان على العلم بالله باتان.

  ولن يخلوا العلم بالله والوصول إلى المعرفة بالله من أن يكون:

  مدركاً بمباشرة حس فيكون كمحسوس.

  أو يدرك بمباشرة⁣(⁣١) نفس فيكون كبعض ما يدرك من النفوس. وليعلم من وصل إليه كتابنا هذا في ذكر درك النفس أن فلاسفة الروم يزعمون أن للنفس دركاً ليس بدرك الحواس ولا درك الوهوم، ولا سيما عندهم إذا كانت النفس معرّاة من الأجسام، ومبرأة مما هي عليه من أوعية الأجرام.

  أو يدرك من وهم جائل فيكون كمتوهم بالمخايل.

  أو يكون دركه سبحانه بظن فيكون دركه كالمتظنن الذي يصيب فيه الظن مرة ويخطي، ويسرع المتظنن بظنه فيه ويبطي.

  أو يدرك من دليل مبين فيكون مدلولاً عليه ببتٍّ يقين.

  أو يكون مدركاً سبحانه بحال واحدة دون أحوال، أو بما يمكن اجتماعه من كل ما وصفنا من الخلال.

  أو مدركاً بجميع ما قلنا وحددنا ووصفنا من الأمور كلها وعددنا.


(١) في (أ): أو يدرك من مباشرة.