مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أقوال ابن المقفع والرد عليها]

صفحة 450 - الجزء 1

  عندكم خلاف، والأعراض والأعيان فقد تجمعهما⁣(⁣١) الأوصاف، ولا بد لهذا الخلق من رؤوس أولية مبتدعة من الله سبحانه بدية، منها برى الله كل برية ترى من البرايا كلها بعيان، ويثبت أن تركيبها شيء أو شيئان، ولا ينبغي لهذه الرؤوس أن يكون بعضها من بعض، بل تكون متضادة تضاد النار والأرض.

  ويقال أيضاً: إن كانت صور الأشياء لم تزل ولا تزال، والصور فهي الألوان والهيئات والأشكال - كان قول القائل: إنه لا يمكن أن يكون شيء لا من شيء، ولا يفسد من الأشياء كلها شيء فيعود إلى التلاشي - قولاً من قائله مقبولاً، وعُد ما زعم فيه قولاً.

  وإن لم تكن صور الأشياء دائمة، ولا في كل حين موجودة قائمة - أعني بالصور: صورة اللحم، وصورة الدم، وصورة العظم، وصورة الأشكال الطبيعية، والألوان كلها الظاهرة منها والخفية - فلا محالة أنها لم تكن قبل حدوثها، وأنها قد تفنى بعد حدثها، وأن حدوثها استحالتها من ليس إلى أيْس، وأن فناءها استحالتها من أيس إلى ليس، كبياض الثلج الذي يحدث عند كون الثلج معاً، ويبطل بياضه عند بطلانه فيفنيان جميعاً، وهل من فعالٍ في سكونٍ أو زوالٍ يجده واجد أو يشهد به على فاعله شاهد إلا وهو محدث كان بعد أن لم يكن، بريء من معنى لم يزل، تعلم كل بهيمة مضيَّ ماضيه، وفراقها في المعنى لمنتظر آتيه، فلا يجهل أحد منهم منه ماضياً، ولا يشبه ماضٍ منه آتياً، إلا أن يزعم متجاهل أو يكابر عاقل فيقول: إن كون الحركة والسكون في حال واحدة معاً، وإن الحركات والسكون لم تزل⁣(⁣٢) قط جميعاً، فيلزمه أن تكون أوقاتها كلها وقتاً، ونطق ما يُعْقَل ناطقاً من الأشياء سكتاً، فيعود يومه من أوقاتها أمساً، ومجنوسها عنده لنفسه جنساً، وفرعها أصلاً، وآخرها أولاً، وكفى بهذا من القول محالاً،


(١) في (أ): تجمعها.

(٢) في (أ): لم يزلن.