السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #
  صفة في معرفة الله، ليأتي المعرفة بالله من بابها، وليسلم بذلك من شكوك النفس وارتيابها، فإنه لن تزكو نفس ولن تطيب، ولن يهتدي امرؤ ولن يصيب، اعتلج في صدره بالله ريب مريب، ولا كان فيه لشك في الله نصيب.
  فنستعين بالله على معرفته ويقينها، ونرغب إليه في يقين أوليائه ودينها، فإن ذلك ما لا يثبت لمن ادعاه بدعوى غير ذات بينة ولا أصل، فضلاً عمن كذب دعواه في ذلك من العامة بسوء الفعل، فقال: أعرف الله بلسانه، وكذب ما ادعى من المعرفة له بكبير عصيانه.
  فإذا قيل له: بم عرفت ما تزعم، ومن أين علمت ما تقول إنك تعلم؟
  قال: سبحان الله! ومن يجهل الله؟! وهل يُسْأَل أحد عن معرفة الله؟ وليس عنده من وجوه المعارف التي عددنا كلها وجه، ولا له في الجهل بالله لفاحش عصيانه مثل ولا شبه، يقول أبداً فيكذب، ويخوض أبداً ويلعب، فقوله خوض وزور، وفعاله فساد وبور، لا يصدق قوله بفعال، ولا يُقَوِّم دعواه إلا بمحال لا يفهمه عنه لبيب، ولا يُصَوِّب مذهبه فيه مصيب، كالبهيمة المهملة الراتعة التي لا همة لها إلا في مأكل أو متعة، كما قال الله ﷻ عن أن يحويه قول أو يناله(١): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ١٢}[محمد]، وقال سبحانه: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٧٩}[الأعراف]، وقال سبحانه: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ٣}[الحجر].
  فنعوذ بالله - يا بني - من مثل حالهم، ونرغب إليه في السلامة من سوء فعالهم، وحسبنا الله في معرفته دليلاً وداعياً، وموفقاً سبحانه للعلم به وهادياً.
  فأول باب وصفناه من دركه سبحانه بمباشرة الحس، والباب الثاني من دركه
(١) في (أ): كما قال الله ø.