[أقوال ابن المقفع والرد عليها]
  والجهالة شرٌّ ضارٌّ.
  وقال: حصرهم، والحاصر فقويٌّ، والقوة فخير، فقد عادت الظلمة عندهم خيراً، والمحصور فعاجز، والعجز فشر، فقد عاد النور عنده شراً.
  ومما يقال لهم فيما زعموا من المزاج، وجاروا به من ذلك عن كل منهاج سلكه سالك، أو فتك فيه فاتك: من أين يا هؤلاء جاء تعادي الممتزجين من المتضادة بعد أن صارا في عقدة من المزاج واحدة، كنحو معاداة إنسان لإنسان، أو ضرب آخر سواه من موات أو حيوان؟ وكيف يكون من الناس - ما كانوا صلحاء - نسل غير صالح، ومن طالحهم - شيئاً كانوا أو أشياء - شيء ليس بطالح، ولا يرى صلاح أبيهم أصلحهم، ولا ما في أبيهم من الطلاح أطلحهم، ولا يكون منهما وهما اثنان ولما هو منهما أصلان إلا أنثى واحدة أو ذكر، لا يوجد لهما سواه بشر، فما بال فرعهما من ولدهما، إذاً لا يكون كأحدهما: إما أنثى مفرداً أو ذكراً أبداً، فلو كان الأمر على ما يزعمون أو في شيء من طريق ما يتوهمون كان ولدهما ذكراً أنثى، وأنثى ذكراً؛ إذ كان عندهم إنما يكون كل شيء من مثله، وكل فرعِ شيءٍ زعموا كأصله، والوالدان لولدهما أصل، وكل شيء فإنما يكون منه ما هو له مثل، والمزاج نفسه فثمرة لا من مثلها، وعقدة المزاج فليست كأصلها؛ إذ أصلها اثنان وهي واحدة، وإذ هما لها أصل وهي لهما عقدة، فأي مكابرة أوحش أو محالِ قولٍ أفحش مما أدى إلى مثل هذا، وما كان من القول هكذا؟
  فليعلموا ويلهم أن الله هو الذي صنع الأولاد للآباء، وأنه لا يصنع الأكفاءُ الأكفاءَ، ولكن الله الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يلد، ولم يكن له كفؤاً أحدٌ.
  وكيف يصنع والدٌ ولداً وإنما كان بالأمس مولوداً؟ إذاً يكون الوالد من صنع ولده، كما الولد من صنع والده؛ لأنهما كفؤان في الميلاد، وولدان كالأولاد،