مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 48 - الجزء 1

  سبحانه بمباشرة النفس، ففاسد أن يكون الله سبحانه بواحد منهما مدركاً أو معروفاً؛ لأنه إن عرف أو أدرك بما أدركا به أو عرفا كان بصفتهما موصوفاً، يجري عليه ما يجري عليهما، ويضاف إليه تعالى ما يضاف إليهما من تجزئة الكل والأبعاض، وألمَّ به ما يلم بهما من الآلام والأعراض.

  لأن ما يدرك من كل محسوس وإن كان خلافاً لما يعقل من النفوس فلن يخلو من أن يكون خليطين خلطا فامتزجا فتوحدا، أو أخلاطاً كثيرة عدن مزاجاً واحداً، فتبدلن عن حالهن الأولى، وصرن كونا من الأكوان التي تبلى، وما كان كوناً لزمه ما يلزم الأكوان، ولم يتقدم الحركة ولا الأزمان، وكان فيهما محظوراً، وبما حصرهما من الحدث محصوراً.

  وحدث الحركة والزمان وقرائنهما من الجسم والصورة والمكان فما لا ينكره - إلا بمكابرة لعقله، أو فاحشٍ مستنكَرٍ مِنْ جهله - مَن سلمت من الخَبَل نفسه، ونجت من نقص الآفات حواسه.

  وكل نفس فذات قوىً شتى مختلفة، كل صفة منها فسوى غيرها من كل صفة، واختلاف قوى كل نفس فمعروف غير منكر، منها التوهم والفكر وغيرهما من التذكر والخطر.

  وقوى كل نفس فمتممة لها لا يمكن أن تزايلها؛ لأنها إن زايلتها قوة من قواها المتممة لكونها وما وصفناه من محدود كمال شؤونها كان في ذلك من زواله زوالها، وزال عن النفس بزواله عنها كمالها، وفنيت النفس بنفائه، ولم تبق النفس بعد بلائه. ألا ترى أن قوى النفس المتممة لكونها ومحدود كمال شؤونها، كحر الشمس ونورها وغيرهما مما لا قوام للشمس دونه من أمورها، وكذلك قوى النار في إحراقها وحرها، كقوى النفس في توهمها وذكرها، فإن فني حر الشمس أو نورها فنيت، وإن بلي إسخان النار أو إحراقها بليت، وكذلك النفس إن زايلها ما جعله الله من القوى لها، فزال فكرها عنها أو فني توهمها منها فنيتْ