[أقوال ابن المقفع والرد عليها]
  هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ٣٣ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ٣٤}[المؤمنون].
  ومن قبل ما قالت به النصارى في المسيح بن مريم ما قال بمثل قولهم المشركون، فزعموا أن ملائكةَ الله المقربين ولدٌ وبنات لله رب العالمين.
  ومنهم من(١) قبلت النصارى أقوالها، وحذت في الإشراك بالله منهم مثالها، وهو قول كان يقول به في الأوائل الروم والقبط وأهل الجاهلية، من كان يقول في النجوم السبعة بتثبيت الربوبية لها والإلهية، وكانوا يزعمون أن النجوم السبعة ملائكة لله ناطقة، وأنها آلهة مع الله لما تم بها كونه خالقة، وأن الله سبحانه صنعهن منه صنعاً، ولم يبتدعهن لا من شيء بدعا، فلما أكملهن تبارك وتعالى وتم تمامهن كلهن(٢) به وعنه قال لهن: أنتن آلهة الإلهية، بِكُنَّ عقد كل معقود وحل كل محلول.
  وزعموا أن بهن وعنهن كانت من الحيوان المايت(٣) جعلة كل مجعول، بهن كان وجوده وقوامه، ومنهن كان صنعه وتمامه، وأنهن علة واسطة بين الله وبين الأشياء، وأن الله الصانع لهن ولغيرهن(٤) بهن ما بث الأحياء، وكان الله لا شريك له إله الآلهة العلى الذي لا يمثلونه بشيء، والأول القديم الذي لم يزل تبارك وتعالى من غير أول ولا بدي، وأنه هو المبتدئ الصانع للنجوم السبعة،
(١) في (أ، ب): ما.
(٢) في (أ، ب): كُنَّ كلهن.
(٣) في (أ): المائية.
(٤) هل هذا من قول المشركين أو رد عليهم؟ وما معنى قوله #: «وأن الله الصانع لهن ولغيرهن بهن ما بث الأحياء»؟ هو من كلام المشركين، وقولهم: «ولغيرهن» يراد أنه يوجد أجرام عظام خلقها الله ليست آلهة. «بهن ما» ما: مصدرية، أي: بهن بثّ الأشياء. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).