[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]
  كلها ولا مثل ولا نظير، ولَمْ يُوْجَدْ في السماء ولا في الأرض ولا فيما بينهما صنع ولا تدبير، والصنع فقد يرى بالعيان في ذلك كله قائما موجودا، فكفى بذلك دليلا بينا على أن لهذا الصنع العجيب صانعاً لا والداً ولا مولوداً.
  ووجود صانعه أبين وأوجد من وجود كل موجود وجودا، وأنه واحد صمد ليس والداً ولا مولوداً، ولن يجد ذلك واحد أبدا إلا الله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يزل تبارك وتعالى واحداً صمداً، ليس من ورائه أزلي مصمود، ولا أَوَّلِيٌّ من الأشياء موجود، فيكونَ متقدماً أوَّلاً قبله، فلا يكون الله هو الخالق له، بل هو الله الخالق الأول القديم، الذي ليس لغيره عليه أولية ولا تقديم، ولكن كل ما سواه فخلق ابتدعه وأبداه، فوجد بالله خلقا بديا بعد عدمه، بريا من مشاركة الله في قدرته وقدمه، بينة آثار الصنع والتدبير فيه، شاهدة أقطاره بالحدث والصنع عليه، مختلف مؤلف، ضعيف مصرف، مجسم محدود، ومتوهم معدود، قد ناهاه قطرُه وَحَدَّه، وأحصاه مقداره وعدَّه، فهو كثير أشتات، له نعوت وصفات كثيرة متفاوتات، كذلك الحيوان منه والموات.
  فليس يوجد أبدا الواحد الأزلي الذي ليس له مثل ولا نظير ولا كفي إلا الله تقدست أسماؤه، وجل ذكره وثناؤه. وفي ذلك وبيانه، ومن حججه وبرهانه، ما يقول الله - ﷻ عن أن يحويه قول أو يناله - فيما نزل من كتابه المجيد في سورة الإخلاص والتوحيد: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}[الإخلاص]، والأحد: فمن ليس له والد ولا ولد، {اللَّهُ الصَّمَدُ ٢}[الإخلاص]، والصمد: فهو الغاية في كل خير والمعتمد، الذي ليس من ورائه من يسمى بأسمائه فيستحق منها كما استحق الله شيئاً، فيكون لله فيما يسمى به منها كفيا، كما قال سبحانه في كتابه، وما نزل من البيان به على عباده، فيما كان الله(١) تبارك وتعالى من أسمائه الحسنى متسمياً:
(١) في (ب): لله.