مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]

صفحة 468 - الجزء 1

  {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ٦٥}⁣[مريم].

  وفيما نزل سبحانه من أنه ليس له كفؤ ولا نظير ما يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، و {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام].

  وفي أنه ليس له شبيه ولا مثل ولا كفي ولا بدي ما يقول الله سبحانه: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، وكيف يولد من لم يزل واحداً أولاً؟! أو يلد من جل أن يكون عنصراً متخللاً؟ لا كيف والحمد لله أبداً يكون الله والداً أو ولداً؟ فنحمد الله على ما من به علينا في ذلك من البيان والهدى، ونعوذ بالله في الدين والدنيا من الضلالة والردى.

  فليسمع من قال بالولد على الله من كل من أشرك فيه بالله من اليهود والنصارى والملل الباقية الأخرى - حجج الله المنيرة في ذلك عليهم، ففي أقل من ذلك بمن الله ما يشفيهم من سقم كل عمى عارضهم فيه أو داء، ويكفيهم في كل قصد أرادوه أو اهتداء⁣(⁣١)، ففي ذلك ما يقول الله سبحانه لهم كلهم جميعا، ولكل من كان من غيرهم لقوله فيه سميعا، ممن لم يعم عن قول الله فيه عماهم، ولم يعتد على الله فيه اعتداءهم: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}⁣[البقرة: ١١٦]، فقال الله إكباراً لقولهم فيه ورداً: {سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ١١٦ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}⁣[البقرة].

  وفي ذلك وتبيينه، وفي افترائهم فيه بعينه ما يقول الله سبحانه: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا


(١) في (أ): واهتداء.