مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[القول بالولادة والمشابهة يستلزم إبطال الإلهية]

صفحة 471 - الجزء 1

  موجوداً قديماً؟ وإنما يكون المتخذ المستحدث من كان قبل أن يتخذ مفقوداً عديماً. فقالوا جميعا كلهم: هو ابنه وولده، ثم زعموا مع ذلك أنه ابنه يسبحه ويعبده، والمولود عندهم في الإلهية والأزيلة كالوالد، فصيروا الرب المعبود في ذلك كله كالمربوب العابد، فهل وراء ما قالوا به من التناقض في ذلك على الرب من مزيد في تناقض أو محال أو إبطال أو إفساد⁣(⁣١) أو كذب يقول به قائل مناقض محيل، أو يضل في مثله إلا تائه ضليل، قد عظم في المحال والتناقض إسرافه، وقل في المقال بالباطل لنفسه إنصافه، فهو يلعب في حيرته ساهياً، ويخوض في غمرته لاهياً؟

  وفيه - والحمد لله - وفي أمثاله ممن قال على الله بمقاله ما يقول الله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ٨٢ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ٨٣}⁣[الزخرف]، وفي ذلك ما يقول سبحانه: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ٤٠ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ٤١}⁣[سبأ].

  وفي إحالة قول من قال بالولد من أهل الكتاب ومن كل ملحد ما يقول سبحانه: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ٨٩ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ٩٠ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ٩١ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ٩٤ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ٩٥}⁣[مريم]، والإد من الأمور والأقاويل فما امتنع إمكانه في العقول فلم يطلق له أحد احتمالاً، وكان في نفسه فاسداً محالاً، وهو كما قال الله سبحانه: ما لا ينبغي، وذلك فما ليس بممكن ولا متأتي.


(١) في (ب): فساد.