مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[بداية الرد عليهم]

صفحة 485 - الجزء 1

  ومنها قول فيلبس⁣(⁣١) لسائل سأله إذ قال له عند مسألته عنه: هو ذلك الذي ذكره موسى في التوراة، ونسبه صلى الله عليه فيها وسماه، فقال: يسوع بن يوسف، يعرف هذا منكم كل عارف⁣(⁣٢).

  ومنها أيضاً: شهادة يحيى التي تدل على أن معنى البنوة والولادة إنما هو بمعنى المحبة والولاية والعبادة، إذ يقول: أما أولئك الذين قبلوا قوله وسلموا فيما سمعوا منه له فلم يولدوا من اللحم والدم، ولا من مزاج المرة والبلغم، ولكنهم - زعم - من الله ولدوا، وأعطوا من كرامة الله ما رضوا وحمدوا. فتأويل هذا ومثله إن كان صدق فيه فإنما هو على ما يصح أن يكون عليه، لا على ما يستحيل في الألباب والعقول، ويفسد ويتناقض من القول في التأويل، من أن يكون الرب عبداً، والوالد مع ولادته ولداً، وذلك أجهل الجهل، وفي ذلك المكابرة للعقل.

  أما سمعوا قول الملائكة لمريم صلى الله عليهم وعليها وسلم عندما صاروا به من البشارة بولادتها للمسيح ابنها: (تلدين ابنا) ولم يقولوا: تلدين ابن الله، وقالوا: (يدعى يسوع، ويكون عليا عظيما بالله، ويرث كرسي أبيه داود)، فلو كان كما يقولون لقالت الملائكة: تلدين ابن الله ويكون منك مولوداً، فكان أعظم في القدر والخطر من أن يقال: ابن البشر.

  وكذلك قال الملك ليوسف - زعمتم بعلها - عندما أراد لما ظهر من حملها من


(١) في (أ): فيلفس، وفي (ب): فيلقس. وهو تصحيف.

(٢) ذكر هذا في العهد الجديد (الإنجيل: ٣٨٣) بلفظ: «٤٣ وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي نَوَى يَسُوعُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلِبُّسَ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي!» ٤٤ وَكَانَ فِيلِبُّسُ مِنْ بَيْتَ صَيْدَا، بَلْدَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. ٤٥ ثُمَّ وَجَدَ فِيلِبُّسُ نَثَنَائِيلَ، فَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي الشَّرِيعَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ فِي كُتُبِهِمْ وَهُوَ يَسُوعُ ابْنُ يُوسُفَ مِنَ النَّاصِرَةِ». ٤٦ فَقَالَ نَثَنَائِيلُ: «وَهَلْ يَطْلُعُ مِنَ النَّاصِرَةِ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» أَجَابَهُ فِيلِبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ!».